التوكل
كتبت / ناهد عثمان
والتوكل على الله لابد من تحقيق مراتب فيه
معرفة الرب وصفاته : من قدرته وكفايته وقيوميته ، أنت تتوكل على الله وتعتمد عليه يجب أن تكون مؤمنا بقوة الله وقدرته وأنه يكفيك ، فالذين يعطلون أسماء الله وصفاته ويلحدون فيها سيخلون بهذه المرتبة..
إثبات الأسباب والمسببات وأنها لا تستقل بنفسها في التأثير ، وإن جحد الأسباب وقال كل سبب معطل ، هذا غبي مجنون..، هناك أسباب ، تنكح ليأتيك الولد وتبذر ليخرج الزرع..، ولذلك جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أءعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل…؟، قال : اعقلها وتوكل..، وأحياناً لا يجد الواحد إلا الدعاء ، ونعم السبب ..، والله عز وجل علم عباده الأخذ بالأسباب فقال: ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ” الملك :وقال: “فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ” الجمعة :10..،
فالذي يقول لا أعمل شيئاً حتى يأتيني رزقي جاهل بشرع الله وجاهل بقدر الله ..، الله قال في سورة المزمل “وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ “المزمل:20..يضربون : يسافرون و يذهبون ويتاجرون ، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتاجرون في البر والبحر..ويعملون في نخيلهم وكان غسل الجمعة.. لماذا أمروا به..؟..لأنهم كانوا عمال أنفسهم..يعملون في الحر والنخيل.. العرق يرشح على ملابس الصوف فيكون لها رائحة كريهة في المسجد، فقيل لهم ( لو اغتسلتم) كما في البخاري ، ولما سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هؤلاء الذين يزعمون أنهم متوكلة ويقولون نقعد وأرزاقنا على الله عزوجل، قال الإمام أحمد : هذا قول رديء أليس الله قد قال ” فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ,فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ “الجمعة :9:10..؟، وقال صالح بن أحمد بن حنبل:”سئل أبي عن قوم لا يعملون ويقولون نحن المتوكلون فقال : هؤلاء مبتدعون”..
ومن المقامات التي يجب تحقيقها رسوخ القدم في طريق التوحيد..، فالعبد إذا حقق التوحيد كان له من التوكل النصيب العظيم ..، ” حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ “التوبة : 129 توحيد وتوكل بعده..
الاعتماد على الله عزوجل في كل الأمور ، بحيث يفوض إليه سائر أموره.
أن يحسن الظن بالله عز وجل وتفويض الأمور إلى الله عز وجل كلها ويكون بيد الله أوثق منه بما في يده ، لا يضطرب قلبه ولايبالي بإقبال الدنيا وإدبارها لأن اعتماده على الله ..،
فحاله كحال إنسان أعطاه ملك درهم فسرق منه ، فقال الملك عندي أضعافه فلا تهتم..متى جئت أعطيتك أضعافه من خزائني، فمن يعلم أن الله ملك الملوك خزائنه ملأى فلا يقلق إذا فات شيء فإن الغني يعطيه الله بدلاً منه..
وأما حسن الظن بالله عزوجل فإن الله عز وجل قال: “أنا عند ظن عبدي بي” كما جاء في الحديث القدسي ، فحسن الظن يدعو إلى التوكل على الله ، أنت تتوكل على من تظن أنه سينفعك ، وإن الإنسان إذا علم وتيقن أن الله هو الغني القادر الحسب الكافي فيتوكل عليه..
استسلام القلب لله سبحانه وتعالى، فإذا استسلم كاستسلام العبد الذليل لسيده وانقياده له حصل التوكل ..
التفويض .. ” فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ” غافر :44 , أي أتوكل عليه وأستعينه مع مقاطعتي و مباعدتي لكم خدعتموني.
قال اين مسعود : “إن أشد آية في القرآن تفويضاً”وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ” الطلاق :3″،
قال ابن القيم رحمه الله نقلاً عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “المقدور يكتنفه أمران : التوكل قبله والرضى بعده”من وجهة نظر الدين والتوحيد”، فمن توكل على الله قبل الفعل ورضى بالمقضي بعد الفعل فهذا إنسان قائم بالعبودية فعلاً” .. ولذلك انظر إلى دعاء الاستخارة : واقدر لي الخير حيث كان كله ثم رضني به..
#فالتوكل إذاً على الله تفويض قبل وقوع المقدور ورضى بعد وقوع المقدور..
#يتبع لاحقا إن شاء الله