“التربية الإيجابية”
علاء حمدي
بقلم د – امال ابراهيم
ما هو مفهوم التربية الايجابية؟
التربية الإيجابية هي تعليم الطفل السلوكيات الجيدة مع تنمية مهاراته بدلاً من التركيز على سلوكياته السيئة التي تصل في النهاية إلى معاقبته عليها، وبهذا لن يشعر الطفل بأنه سئ؛ فالسلوكيات الجديدة التي يتعلمها ستتركز في ذاكرته بجانب شعوره بالأمان والإحترام والتقدير، لذلك سيتحفز الطفل إلى تحسين تصرفاته بشكل مستمر
فمن أهم 5 أدوات لتربية الطفل تربية إيجابية:
1- الجلوس مع الطفل ومحاولة فهم السبب وراء سلوكه السئ
أحيانا يقوم الطفل بسلوك سئ كمحاولة منه لجذب إنتباهك إليه، وفتح طريق للتواصل بينكما، لذلك لا تسئ أنت أيضًا التصرف بل من المهم أن توضح له أنك ترغب أيضًا في الجلوس واللعب معه.
2- التوقف عن إعطاء الطفل مقابل حتى لا يقوم بإزعاجك
المشكلة هنا لا تكمن في إعطاء الطفل مكافأة بل في ربط الإزعاج بشئ، فقيام الطفل بإزعاجك هي وسيلة يحاول الطفل استغلالها من أجل الحصول على ما يريد، ولا يمكن اعتباره سلوك جيد للطفل؛ لأن السلوكيات الجيدة دائمًا ما تنبع من داخل الطفل وليست بسبب مؤثر خارجي.
والطريقة التربوية الصحيحة في هذه الحالة هي توفير وسائل تعليمية تشجعهم على التحلي بالقيم والأخلاق والسلوكيات الحميدة وتجعلهم قادرين على اكتشاف أنفسهم والإبداع.
3- الحرص على تأديب الطفل بدلاً من معاقبته
فتأديب الطفل بدلاً من عقابه سيحقق التربية الإيجابية؛ لأن الطفل سيتعلم الفرق بين تصرفه الصحيح وتصرفه الخطأ، وحينها سيتقبل أخطاءه وسيحاول أن يتعلم من جديد ماذا يجب أن يفعل وما الذي لايصح فعله.
أثناء هذه المحاولات ستتعلم الأم والطفل الصبر حتى يصلا سويًا إلى التربية السليمه بعيدًا عن اللوم والعقاب والأذي النفسي والجسدي الذي يسببه العقاب للطفل.
4- التحكم في الأعصاب والإنفعالات
قد تتعرض الأم في مرحلة ما بفقدان السيطرة على طفلها، ولكن يجب ألا تفقد السيطرة على نفسها فيجب عليها التحكم في أعصابها وإنفعالاتها؛ لأن كل تصرف يقوم به الطفل سيكون حتما بسبب ما، ولمعرفة هذا السبب يجب أن تتحلى الأم بالصبر وبالرفق عند التحدث معه، حتي يخبرها بسبب تصرفاته.
يجب على كل أم أن تقتنع بأن طفلها يرتكب هذه التصرفات الخاطئه بسبب عدم علمه بالتصرفات الصحيحة التي يجب عليه القيام بها، لذلك فمن واجبها تعليمه كيفية التصرف في كل المواقف التي تواجهه.
5- طلب المساعدة من الطفل
فحينما تطلب الأم المساعدة من الطفل سيتعلم صفة مهمة وهي التعاون، والحقيقة أن الأم ستحتاج فعليًا إلى هذه المساعدة عندما يكون الطفل هو المتسبب فيها بدلاً من تركه ينشر الفوضى في كل مكان ولا يدرك أهمية ترتيب المكان بعد إنتهاءه من اللعب فيه وبهذا يحصل كلاهما على الإستفادة.
ويمكن تطبيق هذه الفكرة على كافة الأنشطة اليومية للطفل، مثل أن ينظف غرفته بنفسه، وأن يساعد الأم في وضع الملابس المتسخة في المكان المخصص لها قبل أن تقوم الأم بغسلها.
قد تعتبر الكثير من الأمهات أن هذه الطلبات سيقابلها الطفل بالرفض وهذا لأنها تستخدم معه مبدأ الثواب والعقاب ولكن إذا تحدثت معه برفق سيُلبي طلباتها.
اقرأ أيضًا: أسس التربية الإسلامية للأبناء
ما هي مبادئ التربية؟
تقوم التربية على أسس ومبادئ كثيرة، أهمها:
الاحترام المتبادل بين الوالدين والأطفال
التربية الإيجابية تقوم على احترام الطفل لوالديه وأيضًا احترام الوالدين له فبدلاً من تعنيفه على تصرف خطأ قام به يمكن أن تستخدم الأم عبارات تدل على حبها لطفلها ثم توعيته بالتصرف الخطأ الذي قام به مع ذكر أن هذا التصرف سيسبب له وللآخرين أضرارًا.
الإستماع الجيد للطفل
مثلما تريد الأم أن يستمع إليها طفلها، لا بد أن تستمع هي أيضًا إليه، فهذا المبدأ مهم في التربية الإيجابية، فعندما يشعر الطفل أن الأم تخصص له وقتًا لكي تستمع إليه ولكل ما يؤرقه سيشعر بأهميته عندها.
الحرص على إيجاد حلول لمشكلات الطفل
والمراد هنا ليس حلها بشكل كامل للطفل بل ترك مساحة للطفل في البحث عن الحلول واكتشاف أفضل حل، وبهذا سيتحلى بالشجاعه التي ستمكنه من حل العقبات والمشكلات التي ستتعرض لها في المستقبل.
استبدال المدح بالتشجيع
قد تعتقد الأمهات أن المدح سيفيد الطفل ولكن العكس سيحدث؛ لأن المدح يزيد من غرور الطفل وأنانيته ويعيقه عن التقدم للأمام بينما التشجيع يساهم في تشجيع الطفل على تحقيق المزيد من الأهداف والإنجازات.
ماهي اهداف مفهوم التربية الايجابية؟
تساهم التربية الإيجابية في تحسين حياة الطفل مع كل ما يواجهه، بالإضافة إلى تحسين علاقته مع والديه، لذلك من أهدافها:
تقليل المشكلات السلوكية للطفل
ونستدل على هذا بالدراسات التي وجدت علاقة قوية بين التهذيب أو التربية الإيجابية وسلوك الطفل، حيث أنها تساهم في تطور سلوك الطفل بشكل إيجابي، وزيادة قدؤته على ضبط النفس عند التعامل مع مشكلاته، بينما إذا اعتمد الوالدين على العنف خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، ستزداد مشكلات الطفل.
بناء علاقة قوية بين الوالدين والطفل
عندما يقوم الوالدان بتغيير إستراتيجية العنف المتبعة دائمًا سيتصحح سلوك الطفل بشكل تدريجي وستزداد ثقته فى والديه؛ لأن العلاقة لن تكون قائمة على العنف والخوف كما في السابق، وستصبح قوية يتخللها الاحترام المتبادل.
تحسين الصحة العقلية للطفل وتقديره لذاته
يترتب على التربية الإيجابية زيادة قدرة الطفل على التعافي من كل الإخفاقات التى يتعرض إليها وهو ما يعرف بالمرونة النفسية وبالتالي ستقل خلافاته مع والديه وأيضًا سيزداد تقديره لذاته، وسيتحلى بالشجاعه التي يستطيع من خلالها فعل الأشياء بجودة عالية مثل الآخرين بل وأفضل.
زيادة مستوى تحصيله الدراسي
نجاح الطفل في الدراسة يعتمد بشكل كبير على معاملة والديه له، فإذا كانت المعاملة إيجابية سيزيد معدل تحصيله الدراسي وسيحظى بمزيد من التفوق والنجاح.
ما هي أنواع التربية الايجابية؟
تتعدد أنواع التربية فمنها:-
1- التربية الصحية
تتمثل التربية الصحية في أن يكون جسد الطفل معافى وصحي، ويحدث هذا من خلال تغذية الطفل بالأطعمة والمشروبات المفيدة لصحته وتشجيعه على ممارسة الرياضة المفيدة؛ لتوجيه طاقته في الأماكن الصحيحة بدلاً من إهدارها في أشياء غير نافعة.
2- التربية العقلية
لأن العقل يحتاج دائمًا إلى التهذيب والتوجيه مثل الجسد، فلا يجب علينا تشويشه بمواقع الإنترنت وغيرها من الوسائل الغير مفيدة، فالافضل تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة التي تزيد من ثقته في نفسه وتطوير مهاراته؛ ليكون أكثر إبداعًا.
3- التربية النفسية
تلعب الصحة النفسية دورًا مهمًا في حياة الطفل، فيجب على الآباء التحلى بالصبر على الطفل وعدم ذمه أو التقليل من قدراته، فهو مازال في مرحلة التعلم، حيث يمكن لنفسيته أن تؤثر تأثيرًا سلبيا على تحصيله الدراسي وعلاقته مع من حوله.
4- التربية الأخلاقية
الأخلاق الحميدة هي المحور الأساسي في التربية، ويجب أن ينشأ عليها الطفل، لذلك مساعدة الآباء في توجيه الطفل نحو السلوكيات الحيدة ومنعه من الإنجراف وراء السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الغير أمر مهم.
5- التربية الإيمانية
يبحث الآباء دائمًا عن شئ يحصن أولادهم من الإنجراف نحو الأفكار والسلوكيات السيئة التي تحدث حوله، ويحدث ذلك من ترسيخ الإيمان في قلب الطفل وتربيته على تعاليم الدين الصحيحة التي تحثه على فعل الخير والابتعاد عن الشر.
اقرأ أيضًا: نصائح خبراء التربية فى تعديل سلوك الطفل المزعج
ما هي أساليب التربية الايجابية ؟
أساليب مفهوم التربية الايجابية لا حصر لها، فهي تزداد بشكل مستمر مع زيادة الوعي بالوسائل الحديثة من حولنا.
ومن أهم الأساليب:-
الصبر على السلوكيات السيئة وإعطاءه وقت كافي
من المهم أن يتحلى الوالدين بالصبر على الطفل عندما يرتكب سلوكًا خاطئًا، ويقومان بإبعاده عن مكان السلوك الخاطئ حتى يحصل على فرصة كافية للتفكير في ما قام به بعيدا عن التشتيت.
ثم ترك مساحة له للتعبير عما يجول بخاطره، وما يشعر به ومساعدته في ذلك عن طريق بعض الجمل، مثل” من الواضح أنك تشعر بالغضب الآن من هذا الأمر” وسؤاله عن المشكلة؛ ليتم التعامل معها ومع مشاعره.
إعطاء الطفل الشعور بالثقة
عندما يؤمن الأب والأم بقدرة طفلهم على تخطي الصعاب وتشجيعه كلما قام بإنجاز؛ ليكون النسخة الأفضل من نفسه، سيزيد من شعوره بالثقة في نفسه، مع تحفيز الطفل في كل صعوبه يواجهها بالإنجازات التي قام بها سابقًا وتخطاها؛ ليتخطى ما يواجهه الآن.
ترك مساحة للخطأ والتعلم
محاولة إصلاح الأخطاء التي يقوم بها الطفل سيفوت عليه مواقف كثيرة كان من المفترض أن يشعر فيها بالفشل، كي يبحث بنفسه على طريقه تساعده من التغلب عليه، لذلك من المهم إعطاء نصيحة للطفل، ثم تركه حتى لو قام بتنفيذ فكرته.
فمثلاً إذا أصر على بناء برج من المكعبات بطريقته يمكنك تركه ليفعل ذلك، وإذا فشلت طريقته يمكنك توجيه نصيحه إليه عندما يريد إصلاحه.
ترك الطفل ليعيش مرحلة طفولته
مرحلة الطفولة هي مرحلة مهمة لأنها مليئة بالمزيد من التجارب والتفاصيل، فسلوكيات الطفل تختلف تمامًا عن سلوكياتنا، لذلك لا يجب أن ننتظر منهم أن يتصرفو مثلنا.
فنشاطهم البدني يكون أكثر منا وتحتاج أجسامهم إلى مزيد من الراحة والنوم، لذلك يجب ترك الفرصة لهم؛ للإستكشاف لأن فضولهم يعمل دائمًا في مراحل حياتهم الأولى.
العمل على أن تكون قدوة جيدة للطفل
يتركز عند الطفل طابع الفضول في مراحله الأولى، ومثلما يكون الفضول في استكشاف ما حوله، يحاول أيضًا مراقبة سلوكيات والديه لذلك يجب على الوالدين تحسين سلوكياتهم إذا كان يوجد بها أخطاء حتى لا يحتذي بها الطفل.
مع الحرص على تعليم الطفل الخصال الحسنة من خلال اللعب معهم، مثلا عدم الغش في اللعب حتى لو كانت الخسارة ستحدث.
كيف اعرف ان تربيتي لطفلي صحيحة؟
إذا قمتي يا عزيزتي بإتباع الخطوات التي تحدثنا عنها سويًا، ستجدين الكثير من العلامات والأدلة التي تؤكد لك أن تربية الطفل صحيحة، ومنها:
عدم فعل الطفل للتصرفات الخاطئة في غيابك
يحرص الطفل دائمًا على تجنب الافعال الخاطئة في وجود والديه فقط بسبب خوفه من العقاب، بينما إذا تجنبه أيضًا في غيابك فهذا يعني أنك قمت بوضع أسس سليمة مترسخة في عقل الطفل تمنعه من ارتكاب الأخطاء بشكل عام.
تحلي الطفل برأي وشخصية مستقلة
أن يكون للطفل رأي مستقل ليعرف متى يتحدث وكيف يتصرف في المواقف التي تواجهه بشكل صحيح وأن يعرف مكانته وأهميته الكبيرة بين عائلته وأصدقائه، فهذا يدل على أنه يمتلك شخصية ناجحه.
إذا كان الطفل إجتماعيًا وعلاقاته قويه مع من حوله
إذا استطاع الطفل أن يقوي صلته بأهله وأقاربه وسمح لنفسه بالنمو والتطور العقلي وقام بتطبيق الذكاء العاطفي في معاملاته مع من حوله، سيحظى بحبهم واحترامهم وتقديرهم، وهذا يدل على تربية ناجحة وسوية.
إبتعاد الطفل عن السلوكيات السيئة
ستكتشف هذا الأمر من خلال التحدث مع الطفل فستشعرين أنه يريد أن يصبح مثالاً جيدًا لغيره ويحاول دائمًا تصحيح كل الأخطاء التي يرتكبها؛ ليكون أفضل صورة من نفسه.
تربية الطفل ترتبية إيجابية ليست بالأمر السهل ولكنها تستحق ذلك؛ لأن طفلك سيتمكن من بناء شخصيته بنفسه ويواجه تحدياته بشكل سليم وسيحاول دائما تصحيح السلوكيات الخاطئة.
حينها ستدركين أنك قد وصلت مفهوم التربية الايجابية التي كنت تبحثين عنها طوال الوقت، لذلك عليك استخدام الأدوات والأساليب التي ذكرناها.