أصبحنا فى هذه الايام نعيش فى غفله وتناسينا سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واصبحنا نذهب الى صلاة الجمعه بعد النداء وبعد ان يصعد الخطيب على
المنبر ولئنْ كان التبكير إلى المساجد يوم الجمعة سنَّة مهجورة من قِبَل الكثيرين من الناس هذه الأزمان، فلقد كان نبيُّكم – صلَّى الله عليْه وسلَّم – يحثُّ عليها ويُرغِّب فيها،
ويعدُّها من جليل الصدقات ونفيس القربات، وأسباب السبق إلى المنازل العالية في الجنَّات؛ ففي الصحيح عنه – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: (مَن اغتَسَل يوم الجمعة
غسل الجنابة ثم راحَ – يعني: في الساعة الأولى – فكأنما قرَّب بدَنَةً – أي: تصدَّق بها لله – ومَن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرةً، ومَن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرَّب كبشًا أقرن، ومَن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومَن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرَج الإمام حضَرَت الملائكة يستَمِعون).
وفي حديثٍ آخَر قال – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: (إذا كان يومُ الجمعة وقَفَت الملائكة على باب المسجد يَكتُبون الأوَّل فالأوَّل، ومثل المُهَجِّر – أي: المبكِّر إلى الجمعة – كمثل
الذي يهدي بدنه ثم كالذي يهدي بقرةً ثم كبشًا ثم دجاجة ثم بيضة، فإذا خرَج الإمام طوَوْا صحفهم وجاؤوا يستَمِعون الذكر).
أيُّها المسلمون:
حُقَّ لِمَن قَرَأ هذين الحديثين أنْ يُنكِّس الرأس خَجَلاً من الله وحياءً من الملائكة الكِرام، وشفَقَةً على عِباد الله وخوفًا عليهم؛ إذ يُفرِّط كثيرٌ منهم بهذا الخير الكثير، فكم من
الفرْق الكبير بين مَن يُهدِي البَدَنةَ لتَبكِيره والذي لا يهدي شيئًا؛ لأنَّه جاء بعدما طَوَتِ الملائكة صُحفَها.
وكم من جمعةٍ تَطوِي الملائكة فيه صحفها ولم تسجل فيه من السابقين إلا القليل، ومعظمهم ممَّن هو كمهدي البيضة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما هذا الزهد في الأجر؟
وما هذه الغفلة عن عظيم الذخر؟ ألم يبلغهم قوله – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن غسَّل يوم الجمعة واغتَسَل، وبَكَّر وابتَكَر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستَمَع ولم
يلغُ كان له بكلِّ خطوةٍ عمل سنة أجر صيامها وقيامها)؟ ألم يعلموا قوله – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: (لو يعلَمُ الناس ما في النِّداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلاَّ أنْ يستَهِموا
عليه لاستَهمُوا)؟ ألم يعلَمُوا أنَّ الناس في المنازِل في الجنَّة على قدْر تَبكِيرهم إلى الجمعة؛ فزيادة الفضل وعظيم الأجر ومزيد القرب من الله – تعالى – بحسب نصيبهم من الصُّفوف.
أيها المسلمون:
تنافَسوا – رحمني الله وإيَّاكم – في هذا الخير العظيم الذي جعَلَه الله في يوم الجمعة لِمَن استنَّ بسنَّة النبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – في ذلك، فنَظِّفوا أبدانَكم، والبسوا
من أحسن ثيابكم، واستاكوا وتطيَّبوا من طِيبِكم، وبكِّروا إلى الجمعة بسكينةٍ ووَقار، وتَنافَسوا في الصفِّ الأوَّل ثم الذي يَلِيه دون أنْ تؤذوا أحدًا من إخوانكم، وصلُّوا من
النوافل ما كتَب الله لكم، وأَكثِرُوا ذكرَ الله وتِلاوَةَ كلامِه وأنواع ذِكرِه، واسألوه – سبحانه – المزيدَ من فضله، والتَزِمُوا الأدبَ النبوي والنهجَ المحمدي، تكونوا من السابقين
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.