العاصمة

البطل الشعبي بين وهم الخرافة و صدمة الحقيقة

0

كتب محمد عزت السخاوي

للحكايات الشعبية مكانة خاصة لدى الكثير في عالمنا العربي عامة و المصري خاصة.
و في أحوال عديدة يضيف القاص الشعبي لبطل حكاياته بعض من السير و الأخبار لكي يجذب المتلقي حكاياته..
و يحفل تاريخنا بالعديد و العديد من شخصيات تختلف حقيقتها عما وصل الينا في الحكايات الشعبية. هنا أضاف القاص الشعبي وجدانه الشعبي المحب لسماع حكايات البطولات و الغزوات فاضاف صفات البطولة لشخصيات لم تكن في يوم من الأيام تملك أي من تلك الصفات، بل ووصل به الأمر لوضع شخصيات في غير زمنهم ، كما فعل مع عنترة بن شداد البطل الشاعر الذي عاش في الجاهلية و قبل ظهور الإسلام ولكن الوجدان الشعبي للقاص جعله يقول ان عنترة عاش في صدر الإسلام ، وكانت له بطولات في الدفاع عن الإسلام..
و من منا لا يتذكر الظاهر بيبرس الذي خان صديقه و قائده قطز بعد معركة عين جالوت، و كانت مكافأة بيبرس لقائده ان قتله و استولى على الحكم، و لكن نظرا لأعماله و بطولاته في كسر شوكة التتار تغاضى الوجدان الشعبي عن كل ما فعله من خيانه و قتل لصديقه و رفعه لمكانة عالية و مرموقة قد لا يستحقها!!
و نأتي لبطل مغوار آخر في موروثنا الشعبي ألا و هو ” أدهم الشرقاوي” الذي ذاع صيته متزامنا مع ثورة 1919 و انتفاضة المصريين ضد الاحتلال الانجليزي و مطالبتهم بالحرية و جلاء الإنجليز عن مصر..
نعود لادهم الشرقاوي الذي كان مجرد قاطع طريق ( و هو ما أكدت عليه الدراسات التاريخية و وفق ما أكده الكاتب لويس عوض و الذي كتب عنه من خلال معرفة شخصية ) و لكن نظرا لتحديه السلطات آنذاك و مقاومته لها و تزامن حدوث هذا مع أعمال ثورة 1919 حولته الحكايات الشعبية إلى بطل مغوار و أضافت له الكثير و الكثير من البطولات و التي حولته من طريد العداله إلى بطل يضرب به المثل في تحدي الإحتلال و من يقف معه؛ و الغريب أيضا أنهم أضافوا لسيرته بعض من الأقوال و الحكم و وصل الحال ان نجد ابن عروس ينسب له العديد من الحكم و الماثورات التي جعلت منه فيلسوف!!!!!!
كل ما ذكرناه يؤكد على ان الوجدان الشعبي له في أوقات كثيرة رؤية مغايرة تماما للتاريخ، فعندما يهوى الوجدان الشعبي لشخص يصل به الحال لجعله في مصاف الأبطال على الرغم من كونه قد يكون أبعد ما يكون عن البطولة….
نحن في حاجة ماسة لتقنية تاريخنا من مثل هذه التشوهات التي تأخذ منه أكثر ما تفيده

اترك رد

آخر الأخبار