العاصمة

الاعتبار بمرور الأيام في استقبال العام الجديد

0

طارق سالم
مع بداية عام جديد يحسن التذكير في أن يكون لنا منهج رشيد وخطوات مدروسة فيما يتعين علينا فعله ونحن نستقبل

هذا العام الجديد فاستقبال الأمة لعام جديد هو بمجرده قضية لا يستهان بها وإن بدا في أنظار بعض المفتونين أمرا هينا
الاعتبار بمرور الأيام هو أن عجلة الزمن تدور وقطار العمر يمضي وأيام الحياة تمر فمن منا يتأمل في ذلك جيدا ويعتبر بما
يجري فالاعتبار مطلب شرعي أمرنا الله تعالى به في كتابه الكريم فقال سبحانه: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
تفكروا في هذه الأيام والليالي فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة حتى تنتهوا إلى آخر سفركم وإن كل يوم يمر
بكم بل كل لحظة تمر بكم فإنها تبعدكم من الدنيا وتقربكم من الآخرة وإن هذه الأيام والليالي خزائن لأعمالكم محفوظة
لكم شاهدة بما فيها من خير أو شر فطوبى لعبد اغتنم فرصها فيما يقربه إلى الله وطوبى لعبد شغلها بالطاعات
واجتناب العصيان وطوبى لعبد اتعظ بما فيها من تقلبات الأمور والأحوال قال تعالى:
{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ} قال أبو الدرداء رضي الله عنه:
“يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك”.
قال الفضيل بن عياض لرجل: “كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك
يوشك أن تبلغ فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون قال الفضيل: أتعرف تفسير قولك: إنا لله وإنا إليه راجعون
إن من علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول فليعد للسؤال
جوابا فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت
فيما بقي أُخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم”. إن الفرح بقطع الأيام والأعوام دون اعتبار وحساب لما
كان فيها ويكون بعدها هو من البيع المغبون فالعاقل من اتعظ بأمسه واجتهد في يومه واستعد لغده.
التفاؤل والاستبشار بالخيرما أجمل ونحن في بداية هذا العام أن نتفاءل بالخير ونستبشر بأن قادم الأيام
أفضل وأن ننطلق بروحٍ جديدة روح التفاؤل والتحدي عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان يعجبه عليه
الصلاة والسلام الفأل الحسن ويكره الطيرة” بل ذهب عليه الصلاة والسلام إلى أبعد من ذلك فقال
«إذا قال هلك الناس فهو أهلكهم»
ينبغي اغتنام كل فرصة واغتنام العمر حتى آخر لحظة وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألَّا تقوم حتى يغرسها فليفعل» في هذا الحديث
الصحيح انتهاز الفرصة في عمل صالح في آخر لحظة ولو كان الإنسان لم ير ثمرته فسوف يرى ثمرته في الآخرة ولو لم يجدها في الدنيا.
إن المشكلة تكمن في عدم معرفة قيمة الوقت.
الوقت سريع التقضي أبي التأتي لا يرجع مطلقًا والعاقل هو الذي يفعل ما يغتنم به وقته قال بعض أهل العلم: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ثم ليس فقط انتهاز العمر بالطاعات واغتنام الأوقات بالعبادات وإنما يقدم الأفضل
أما ونحن بدأنا عامًا جديدا لماذا لا تهز هذه الكلمة أعماقنا وتوقظ وجداننا فنهرع إلى الجد والتجديد في حياتنا وطرق تفكيرنا لماذا لا نجدد بتجديد العام ونغير بتغيير الزمان حقًا إن كثيرا منا غيروا وجددوا مع تغير الزمان ولكنه تجديد إلى الأسوأ وتغيير إلى الأدنى وتقدم إلى الحضيض فليس التجديد بالتحلل من الأخلاق والتحلل من القيم والتنكر للدين والانسلاخ من الحياء فما ذلك إلا دمار وضياع وتيهٌ وضلال قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
نسير إلى الآجال في كل لحظة *** وأيامنا تطوى وهن مراحل
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له *** إنَّ الحياة دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها *** فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
إنّا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل اليوم مجتهدا *** فإنما الربحُ والخسران بالعملِ
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعمر أوقاتنا بالطاعات وأن يجعلنا من القائمين بالعبادات وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يجعل عامنا هذا عام عزٍ ونصر وتمكين لأمتنا إنه على كل شيءٍ قدير. وكل عام وانتم جميعا بالف خير .

اترك رد

آخر الأخبار