ذلك حال من يعودون سريعاً بعد رمضان إلى المعاصي والذنوب ويتركون
أشكال الطاعات كلها التي كانوا قد أحسنوا غزلها في رمضان بكل طاقتهم ووسعهمإلا أنّهم ينقضونها مباشرة مع غروب شمس آخر أيام رمضان.
إذا تفكّر الإنسان في سبب عودته السريعة للمعاصي بعد رمضان يجد أنّ
انفلات الشياطين التي كانت مُصفَّدةً في رمضان تعدّ من أهم هذه الأسباب فالشيطان حريص على دخول الإنسان إلى النار وهو يعمل كلّ ما في وسعه
من أجل إقناعه بفعل المعاصي واقتراف الآثام ويغتاظ كل الغيظ بعد انتهاء
رمضان لمّا يعلم أنّ الله سبحانه وتعالى قد غفر للمسلم الطائع في رمضان ذنوبه كلها فيبدأ رحلة جديدة من الوسوسة والعمل على دفع المسلم
للعصيان والبُعد عن طريق الله عز وجل وحتى يتمكّن الإنسان من دفع مكائد
الشيطان هذه فلا بدّ له من الثبات بعد رمضان والاستمرار على الطاعة
والحرص على العبادات وأول ما على الإنسان فعله حتى يتمكّن من الثبات
أن يحافظ على عزيمته متوقّدة ومشتعلة فالإنسان في رمضان يكون ممتلئاً
بالطاقة الإيجابية والعزيمة على بذل الجهد والوسع في أداء العبادات
• ومن أجل الثبات لا بدّ له من المداومة على الطاعة فيما يأتي:
1- الحرص على أداء الصلوات الخمس خصوصاً صلاة الفجر والأفضل في ذلك
أن تكون في المسجد فإن لم يستطع فعلى الأقل أن يصلّيها في أول الوقت مع السُّنن الرواتب.
2- المواظبة على قراءة القرآن فالإنسان في رمضان يقرأ من القرآن جزءاً أو
اثنين أو أكثر في اليوم الواحد إذًا فليجتهد أن يحافظ على شيء من ذلك بعد
رمضان كأن يحافظ على صفحات قليلة في اليوم لا أن يترك القراءة ويهجرها
إلى رمضان القادم.
3- الإكثار من ذكر الله تعالى في كلّ الأوقات عند النوم وعند الخروج من
المنزل وفي الصباح والمساء وعلى أي حال كان الإنسان.
4- الدعاء ولو لدقائق معدودة يومياً المهمّ أن يستمر الإنسان في الدعاء
والإلحاح على الله عز وجل وإن أمكنه أن يقوم الليل مرّةً في الأسبوع على
الأقل ويصوم شيئاً من الأيام على سبيل النافلة كذلك كان أفضل في الثبات
والمداومة على الطاعة.
لقد كان الشَّهرُ الراحلُ ميدانًا لتنافُسِ الصالحين بأعمالهم ومجالاً لتسابُقِ
المحسنين بإحسانهم وعاملاً لتزكية النفوس وتهذيبها وتربيتها لكن بعض
الناس ما أن خرجوا من رمضان إلى شوَّال حتى خرجوا من الواحة إلى
الصحراء ومن الهداية إلى المعصية ومِن السعادة إلى الشقاوة
• لذا كان الناس بعدَ رمضان على صِنفان هما جِدُّ مختلفَيْن:
1- صِنف تراه في رمضان مجتهدًا في الطاعة فلا تقع عيناك عليه إلاَّ ساجدًا
أو قائمًا أو تاليًا للقرآن أو باكيًا حتى ليكاد يُذكِّرك ببعض عُبَّاد السلف وحتى
إنَّك لتشفق عليه من شِدَّة اجتهاده وعبادته ونشاطه.وما أن ينقضيَ الشهرُ حتى يعودَ إلى التفريط والمعاصي فبعدَ أن عاش شهرًا كاملاً مع الإيمان
والقرآن وسائر القُربات يعود إلى الوراء مُنتكسًا أو مرتدًّا والعياذ بالله وهؤلاء هم عبادُ المواسم لا يَعرفون الله إلاَّ عند المواسم أو عندَ نزول النِّقم
بساحتهم فإذا ذهبتِ المواسم أو زالت النقم وحُلَّتِ الضوائق ذهبتِ الطاعة
مُولِّيةً ألاَ فبِئسَ قومٌ هذا دِيدنهم”
• صنف تراة دائم المواصلة على العمل بعد رمضان مواصلة الطاعة والعبادة
بعد رمضان عباد الله إن الذي يتق الله حق تقاته يواصل على الطاعة والعبادة
والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) خاشعون دائماً وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ليسوا معرضين في رمضان فقط وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. متى دار الحول يزكي في رمضان أو في غيره. هم باستمرار يفعلون ذلك وليس قيام رمضان فقط بعض الناس يتصور أن ما حصل في رمضان كافٍ للتكفير عن سيئات الأحد عشر شهراً القادمة ولذلك فهو يحمل على ما مضى ويعول على ما مضى وكأن هذا باعتباره ونظره ما حصل منه كافٍ مستند يستند عليه ومتكأ يتكئ عليه لمعصية الله تعالى وهو ما درى ربما رد على أعقابه ولم يقبل منه عمل واحد في رمضان.
• من علامات عدم قبول العمل والعياذ بالله لأن الصائم حقيقة ..
يفرح يوم فطرة ويحمد ويشكر ربه على أتمام الصيام .. ومع ذلك يبكي خوفاً من ألا يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان يسألون الله القبول .
• فمن علامات قبول العمل :
1- أن ترى العبد في أحسن حال من حاله السابق .وأن ترى فيه إقبالاً على الطاعة { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ.. }
2- أى زيادة في الخير الحسي والمعنوي فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح فلو شكر العبدُ ربهُ حتى الشكر لرأيته يزيد في الخير والطاعة ويبعد عن المعصية والشكر ترك المعاصي . واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
هكذا يجب أن يكون العبد مستمر على طاعة الله , ثابت على شرعه مستقيم على دينه لا يراوغ روغان الثعالب , يعبد الله في شهر دون شهر أو في مكان دون آخر لا وألف لا ..!! بل يعلم أن ربّ رمضان هو ربّ بقية الشهور والأيام
• وبعد أنتهاء قيام رمضان , فقيام الليل مشروع في كل ليله : وهو سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله : ” عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ومقربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد ”
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل “وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة الفانية وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى : ( أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) .
• بعد أن انتهت ( زكاة الفطر ) : , فهناك الزكاة المفروضه وهناك أبواب للصدقه والتطوع والجهاد كثيرة .
• وقرأة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان: بل هي في كل وقت .
وهكذا …. فالأعمال الصالحه في كل وقت وكل زمان ….. فاجتهدوا الأحبة في الله في الطاعات …. وإياكم والكسل والفتور .
فالله … الله في الاستقامة والثبات على الدين في كل حين فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت فإحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية