لم و لن أعتبر يوما أني أديب أو كاتب .. كل ما في الأمر أني عاشق للإبداع و الفن … رغم تخصصي العلمي كبيولوجي ( علوم الطبيعة و الحياة ) .. وجدت نفسي مرتبطا بكل ما هو جميل ، قد يكون لتخصصي دور في ذلك ..فحين نقول الطبيعة نقول الجمال و الصفاء و النقاء .. و حين نقول الحياة فإننا حتما نقول الإنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان سامية ..
كل ما أكتبه كانت كتابات كاتب هاو يعبر بتلقائية عن كل ما يحسه و كل ما يراه …. شاءت الأقدار أن أمارس الإعلام في سن مبكرة جدا و كان ذلك في منتصف الثمانينات عبر اذاعة وهران الجهوية كمعد و مقدم حصص فنية بطلب من الاستاذ الراحل عبد المجيد أمير مدير إذاعة وهران .. سمحت لي هذه التجربة من معرفة العديد من الوجوه الفنية و الاعلامية و الأدبية … موازاة مع ذلك كنت أنشر بعض خربشاتي في جريدة الجمهورية ( الورقية الجزائرية ) من مقالات و حوارات و خواطر .. كما سمحت لي الفرصة أن أكون مراسلا صحفيا لمجلة المجاهد الأسبوعية ( الجزائرية) بطلب من الصديق الراحل بلقاسم بن عبد الله كما شجعني وقتها القاص الراحل عمار بلحسن…
هكذا وجدت نفسي وسط كوكبة من الأدباء و الفنانين و الإعلاميين و قد استفدت الكثير منهم ….
هذه نبذة قصيرة جدا عن بعض محطاتي الثقافية . ..
ما أردت قوله من مقالي هذا هو انني لمست أن هناك شرخ كبير بين الأديب و الملتقي و بين الأديب و الأديب ..
حيث أصبح الأديب يشكو غياب القارئ و القارئ يشكو عدم وجود ما يقرأ .. و في حقيقة الأمر أن القارئ معه حق لأنه لم يجد فعلا ما يجذبه من كتابات ابداعية و هذا ناتج عن جهل بعض الأدباء و الكتاب لما يريده المتلقي و في هذه الحالة يكون الأديب فاشلا في معرفة تفكير و رغبات السواد الاعظم من الشعب …. و أصبح الأديب يكتب و كأنه يكتب لطلبة جامعيين و بالضبط لطلبة الاداب و العلوم الأ نسانية او للنخبة الأدبية و كأن الطبيب و البيولوجي و المهندس و الانسان العادي ليسوا في حساباته.. رغم أن الأديب عادة ما يقول أنه يكتب للجميع ، و هذا خطأ فادح في حق هؤلاء و يتحمل الأديب المسؤولية الكبيرة في ذلك ، فهو من حدد نوعية قرائه و التي لا تتعدى مدرجات الجامعة و حصر نفسه في زاوية مغلقة … لقد تغير الزمن و تغيرت معه الافكار و لم تتغير أفكار الأديب التي أصبحت لا تساير دهنية و عقلية القارئ في وقتنا الحاضر و أصبح يعيش في وهم لا يدركه إلا هو نفسه معتقدا أن السبب يكمن في عدم وجود قراء ..
فالأديب في وقتنا الحالي عليه أن يجد الطريقة المثلى لإيصال أفكاره للمتلقي و لا يتسنى له ذلك إلا إذا فهم فعلا تفكير و وجدان و مشاعر القارئ الحالي خاصة مع التطور التكنولوجي و الإنفتاح الفكري الذي أصبح حتمية وجب التعامل معها باحترافية كبيرة ..
نقطة أخرى لفتت إنتباهي و هي تلك الصراعات غير البريئة الموجودة بين الأدباء .. أحيانا أكاد أجزم أن الأديب لا يقرأ للأديب و الدليل على ذلك غياب النقد و غياب المقالات الأدبية التحليلية للأدباء إعلاميا … و حتى اللقات التي تجمع الأدباء تكاد تكون منعدمة و هنا لا أقصد المهرجانات و المعارض و إنما أقصد تلك اللقاءات التي تجمع الأدباء ببعضهم في جلسات عائلية يتبادلون فيها الافكار … و ليس اللقاءات التي تصنع لوبيات و طوائف لتحطيم الآخر .. فنحن نريد أقلاما تحارب الجهل و تنتج الافكار بعيدا عن الشوفينية التي للأسف اصبحت تنخر جسد الإبداع العربي … و التي لا تعكس فعلا دور الأدب و الأديب …
و ختاما أقول لا يمكن للأدب بمختلف أنواعه أن يحقق أهدافه إذا لم يكن الأديب على دراية كبيرة بما يفكر فيه السواد الأعظم من الشعب …. فالأديب دون قارئ كالجسد بلا روح …