العاصمة

اغتنم الدقائق واللحظات

0
بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
اغتنم الدقائق واللحظات، اشغل الأوقات الضائعة ساعة الانتظار وفي السيارة، ومشيك من البيت للمسجد وفي المسجد، وفي طريقك إلى المدرسة أو العمل، عطر لسانك بالذكر، وقلبك بالفكر، وشنف آذنك بالذكر، استفد من كتاب، استمع لدرس علم، قال الجنيد لرجل وهو يعظه: جماع الخير كله في ثلاثة أشياء.. “إن لم تمضِ نهارك بما هو لك فلا تُمضه بما هو عليك، وإن لم تصحب الأخيار، فلا تصحب الأشرار، وإن لم تنفق مالك فيما لله فيه رضا فلا تنفقه فيما لله فيه سخط”.
وقال موسى بن إسماعيل: لو قلت لكم: “إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا قط لصدقت، كان إما مشغولاً بنفسه، وإما أن يحدث وإما يقرأ وإما يسبح، وإما أن يصلي، كان يقسم النهار على هذه الأعمال”.
ينبغي الحرص على الوقت كحرصك على المال وأشد، وينبغي الحرص على الاستفادة من الوقت كله فيما ينفع في الدنيا والدين.
فإن هذا مما يدفع إلى علو الهمة، وغرس الحب والخير في النفس، واحرصوا على صحبة الأخيار ومجالسة الصالحين وسماع أخبارهم والرغبة في مجاراتهم والوصول إلى ما وصلوا إليه من الطاعة والعبادة.
اعلموا أن من حسن التربية تعويد الأبناء على الاستفادة من الأوقات وإعمارها بما هو مفيد حتى يتعودوا على ذلك من الصغر؛ قال عبدالله بن عبد الملك رحمه الله: كنا مع أبينا في موكبه فقال: سبحوا حتى تلك الشجرة، فُنسبح حتى نأتيها، فإذا رفعت لنا شجرة أخرى قال: كبروا حتى تلك الشجرة، فكان يصنع بنا ذلك.
عباد الله، الوقت أنفس ما تملكون، وهو أغلى من الذهب والفضة والجواهر، فاحفظوا أوقاتكم، واغتنموا زمانكم، فإن إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، وما مضى من الدنيا أحلام.. كنائم رأى مسيرة حياته في لمح بصر ثم استيقظ.. ذهبت الأيام بآلامها وآمالها وأحلامها.. بشدتها وقسوتها.. ولكن بقى الحساب.
رأس مالك في هذه الدنيا دقائق وأيام.. ماذا قدمت في هذه الأوقات؟ وماذا سجلت في تلك الصحائف؟ هل تسُرك إذا نظرت فيها يوم القيامة أم تسوؤك؟ فلا يكن حالك كمن أخبر الله تعالى عنهم ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ .
ذُكر في ترجمة الربيع بن خثيم؛ وهو من تلاميذ عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه -، أنه حفر في بيته حفرة على هيئة القبر، وكان كل يوم تشرق شمسه ينام في تلك الحفرة ويقول: ﴿ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ ثم يسكت قليلاً، ويجيب نفسه قائلاً: قد أعطيناك فرصة أخرى فقم واعمل. ثم يخرج إلى الدنيا وحاله كمن أعطي فرصة أخرى للحياة بعد الموت.. وقد كان حريصًا على استثمار وقته في طاعة الله، حتى قال فيه ابن مسعود – رضي الله عنه – ذات يوم يا ربيع، والله لو رآك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأحبك.

 

اترك رد

آخر الأخبار