اسحق فرنسيس يكتب اسرائيل تستحوذ على منابع مياه الشرب فى سوريا
في تطور جديد يسلط الضوء على تعقيدات الأوضاع الأمنية في جنوب سوريا بعد سقوط نظام الأسد واستغلال الاحتلال الإسرائيلي انشغال السوريين بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، كشفت تقارير ومصادر محلية عن تصعيد جديد في العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، حيث شهد الريف الغربي لمحافظة درعا توغلاً جديداً للقوات الإسرائيلية، طال عدة قرى وبلدات في ما يعرف بـ”حوض اليرموك” الاستراتيجي جنوب غرب سوريا.
ومنذ السابع من ديسمبر 2024 توغلت القوات الإسرائيلية في مناطق عديدة جنوب سوريا متجاوزة خط وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق في عام 1974، لتحتل المنطقة العازلة وما تبقى من مرتفعات الجولان الإستراتيجية، بالإضافة إلى جبل الشيخ وكذلك بلدات عديدة في القنيطرة، تبعها قرى وبلدات في ريف درعا الغربي، عرف منها صيدا الجولان وجملة والمعرية وعين ذكر وكويا وعابدين وغيرها، حتى وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى عمق ما يعرف بـ”حوض اليرموك” وسيطرت عليه يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024، باتجاه الحدود الأردنية السورية جنوباً.
منذ اندلاع الأزمة السورية وسقوط مساحات واسعة من الأراضي السورية في أيدي قوات “إدارة العمليات العسكرية” التابعة للمعارضة، كثفت “إسرائيل” من ضرباتها الجوية على مواقع عسكرية سورية، مستهدفة بشكل خاص المناطق القريبة من الحدود، بما في ذلك محافظة درعا، فيما بدأت دباباتها وقواتها خلال الأيام الأخيرة تتوغل من الجولان المحتل نحو ريف درعا الغربي بعمق وصل إلى 9 كيلومترات بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الذي أفاد أيضاً بأن القوات الإسرائيلية دخلت “سد الوحدة” الواقع على الحدود الأردنية السورية وتمركزت في مواقع استراتيجية، بعد تحذيرات للسكان بتسليم السلاح في المنطقة.
وتفيد تقارير ومصادر محلية بأن القوات الإسرائيلية تشرع بعمليات بحث وتفتيش عن مستودعات أو أسلحة في جميع القرى التي تدخلها غرب مدينة درعا وتقوم بعمليات تفتيش واستجواب للمواطنين ومخاتير القرى ودعوتهم لتسليم ما لديهم من سلاح، وتقوم بمراقبة المنطقة بواسطة طائرات مسيرة استخدمتها أيضاً كمكبرات صوت لتوجيه تحذيرات أو نداءات للسكان.
وتعد منطقة حوض اليرموك، الواقعة في غرب درعا ، ذات أهمية استراتيجية كبيرة لكل من سوريا والأردن. حيث تشكل هذه المنطقة نقطة حيوية للأمن المائي في البلدين، إذ يُعتبر نهر اليرموك شرياناً مائياً رئيسيًا يغذي الأراضي الزراعية ويوفر مياه الشرب لملايين السكان في درعا والسويداء وشمال الأردن وتسيطر “إسرائيل” على أجزاء منه.
وتمثل العمليات الإسرائيلية الأخيرة في حوض اليرموك تحدياً مزدوجاً: فمن جهة، تعكس استراتيجيات “إسرائيل” الرامية إلى توسيع حدودها الشمالية واحتلال المناطق الاستراتيجية؛ ومن جهة أخرى، تضيف مزيداً من الضغط على الحكومة السورية الجديدة، التي تواجه تحديات متعلقة بإعادة السيطرة على المناطق الحدودية وتأمين مصادر المياه الحيوية.
ويقول هارلي ليبمان الكاتب الإسرائيلي بصحيفة “جروزاليم بوست” إن “ما يحصل في سوريا يمثل فرصة لإسرائيل وسيكون من العار أن تفوتها، وذلك لتحسين موقفها على طول الحدود مع سوريا بشكل أكثر ديمومة، لأنه من المحتمل أن انهيار نظام الأسد قد يتمخض عنه تغيير واقع سوريا كدولة”، مشيراً إلى أن الإجراءات التي فعلتها إسرائيل بسوريا منطقية، وأن على صناع القرار في إسرائيل أن ينظروا إلى الحدث لمعرفة كيف يمكنهم خدمة مصالح إسرائيل”، على حد تعبيره.
يعتبر هذا التوغل هو الأول من نوعه في حدود محافظة درعا جنوب سوريا، ومن غير الواضح ما هدف “إسرائيل” من التوغل في هذه المناطق وإلى متى سيستمر، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوعز للجيش بالاستعداد لاستمراره في احتلال المنطقة العازلة السورية حتى نهاية عام 2025 على أقل تقدير، وصرح نتنياهو من سفوح جبل الشيخ المحتل التي زارها برفقة قادة أجهزة عسكرية وأمنية: “سنبقى في هذا المكان المهم حتى التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل”، على حد تعبيره.