أتدرون لم تقبَّل الله من أحد ابني آدم (هابيل) ولم يتقبَّل من الآخر (قابيل)؟
لقد كان لدى كل منهما نفس النية:نية إرضاء الله بتقديم القربان! نية سليمة وقصد حسن!
أما أحدهما فقدَّم أفضل ما عنده. اجتهد بنسبة مائة بالمائة لاختيار أفضل قربان يقدمه إلى ربه الأعظم. فتقبله رب العزة تبارك وتعالى بقبول حسن!
وأما الآخر فقدَّم قربانا رديئا لا يليق برب العزة ؛ قدم ما لا خير فيه وما لا يرضاه لنفسه ولا لأهله! فلم يتقبله ربنا جل وعلا!
ثم لاحظوا كيف حَصَر الله تعالى القبول على المتقين فقط! فالله مع المتقين ؛ ويُحِبّ المتقين ؛ ووليّ المتقين ؛ ويتقبَّل مِن المتقين ؛ والآخرة عند ربك للمتقين! ليس لأحد غيرهم مِن القبول نصيب! كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى رَجُلٍ:أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لا يَقْبَلُ غَيْرَهَا ، وَلا يَرْحَمُ إِلا أَهْلَهَا ، وَلا يُثِيبُ إِلا عَلَيْهَا ، فَإِنَّ الْوَاعِظِينَ بِهَا كَثِيرٌ وَالْعَامِلِينَ بِهَا قَلِيلٌ! (حلية الأولياء لأبي نعيم وتاريخ دمشق لابن عساكر وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي)
وسُئِل عليّ رضي الله تعالى عنه عن التقوى فقال:هي الخوف مِن الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل. (سبل الهدى والرشاد للصالحي)
فحقيقة التقوى ومظاهرها أربعة أشياء:أن تخاف مِن الله جل وعلا ، وأن تعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن تقنع وترضى بالقليل مِن الدنيا ، وأن تكون دائما على استعداد للموت ولقاء الله سبحانه!
أخرج ابن عساكر عن هشام بن يحيى عن أبيه قال:دخل سائل إلى ابن عمر ، فقال لابنه:أعطه دينارا ، فأعطاه ، فلما انصرف قال ابنه:تقبل الله مِنك يا أبتاه ، فقال ابن عمر:لو علمت أن الله تقبل مِني سجدة واحدة أو صدقة درهم لم يكن غائب أحب إليَّ مِن الموت! تدري مِمَّن يتقبل الله؟ “إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ”!