العاصمة

إعدام ابن السلطان

0

 

 

كتبت /داليا السيد العربى

الشرقية

 

في الوقت الذي كان السلطان المجاهد مراد بن أورخان يواجه أُشرس الحملات المتلاحقة التي تمثلت في العديد من الأحلاف الأوروبية الصليبية المقدسة التي تجمع تحت أُلو يتها ملوك وأمراء المجر والصرب والبلغار والأرناؤوط – ألبانيا – , بمباركة من بابا روما أوربان الخامس , وبتحريض سافر منه سنة 766 هجرية = 1365م .

 

وفي الوقت الذي كان فيه السلطان مراد يواجه فيه خطرًا آخر تمثل في قيام الأمير الإيطالي أميديو بتجميع جيش من الإيطاليين تحت شعار الانتقام للصليب من العثمانيين سنة 770 هجرية , وفي الوقت الذي فيه الخطر ضد الدولة العثمانية المسلمة , بقيام إمبراطور بيزنطة يوانيس الخامس بزيارة روما في عام 771 هجرية مستنجدًا بالبابا ضد العثمانيين المسلمين , ومعلنًا تّحوله عن مذهبه الأرثوذكسي إلي المذهب الكاثوليكي في محاولة لاسترضاء بابا روما لإقناعه بمده بالنجدة التي يطلبها ضد العثمانيين .

 

وفي الوقت الذي كان السلطان مراد يواجه خطرًا داهمًا جديدًا تمثل في نجاح البابا بتجنيد أُكثر من ستين ألف مقاتل أوروبي صليبي – غير المتطوعين – يرفعون شعار الصليب بقيادة ملك بلاد الصرب الجديد ووقاشين .

 

في ذلك الوقت الذي كان السلطان مراد الأول لا يكاد ينجح في التغلب علي إحدى مكائد الأعداء , حتى يواجه مكيدة أخرى , كان ولده الأمير ساوجي , وهو الابن الأصغر للسلطان مراد , يتآمر سرًا مع الأمير البيزنطي أنْدرونيقوس , الابن الثاني للإمبراطور يوانيس الخامس , لتدبير مؤامرة للإطاحة بالسلطان مراد , وتسليم السلطة للأمير الخائن ساوجي , وسرعان ما انتقلت المؤامرة من مرحلة التدبير , إلي مرحلة التنفيذ , فسار الأميران ساوجي وأنْدرونيقوس علي رأس جيش كبير كانت غالبيته جنوده من البيزنطيين , وتمركزا بجيشهما في منطقة لا تبعد كثيرًا عن القسطنطينية .

 

فسارع السلطان مراد لملاقاتهما , فما كاد يقترب منهما حتى خارت معنويات المتآمرين , ففر الجنود البيزنطيون من أنصار أنْدرونيقوس , ولجأ الجنود العثمانيون من أنصار الأمير ساوجي إلي جيش أبيه السلطان مراد , فأصبح ساوجي وأنْدرونيقوس من غير جيش , فلم يجدا أمامهما مفرًا من الهرب , ففرا إلي مدينة ديموقة , فلحق بهما السلطان مراد , واضطرهما إلي الاستسلام .

 

وجمع السلطان نخبة من القادة والعلماء والقضاة لمحاكمة ولده ساوجي , فحكموا عليه بالموت جزاء موالاته للكفار أعداء الإسلام والتحالف معهم قولاً وفعلاً في محاربة المسلمين .

 

وأمر السلطان مراد بتنفيذ حكم الشرع في ولده , مسجلاً بذلك صدق ولائه لحكم الشريعة , وصدق التزامه بالإسلام , ولكأني به وهو يفعل ذلك كان يستشعر قوله تعالي : { لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ( المجادلة : 22 ) .

 

أما أنْدرونيقوس فلم يشأ مراد أن يقتله , وكان بمقدوره أن يفعل ذلك ,  دون أن يجرؤ أحد علي مجرد معاتبته , بله الاعتراض عليه , ولكنه آثر أن يترك  أمره لأبيه , فأرسله إليه ففقأ عينيه , ثم نفاه خارج القسطنطينية , وبقي  منفيًا حتى مات , وما أحسب إلا أن الإمبراطور قد فعل بابنه أنْدرونيقوس  خوفًا من السلطان مراد , وليس عن قناعته .

اترك رد

آخر الأخبار