كتب: المستشار/ هشام فاروق رئيس محكمة استئناف الإسكندرية.
في مطلع أربعينيات القرن الماضي حينما اكتشف العالم السويسري بول مولر مادة الدي دي تي المُبيد الحشري الشهير حصل على جائزة نوبل في العلوم! واعتبر العالم المُبيد فتحا علميا مُذهلا إذ قضى على الآفات الناقلة للأمراض التي كانت تقتل الملايين ، لدرجة أنه قد استُخدم على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية ونجح في استئصال مرض الملاريا في إيطاليا من خلال القضاء على حشرتي القمل والبعوض ، كما قضى على الآفات الزراعية! لكن بعد ذلك ظهرت مشاكل بيئية خطيرة من استخدامه حيث إن بقاءه في البيئة دون تحلل أدى لقتل الحشرات النافعة أيضا مثل النحل أو الفراشات والتي تحتاجها الأزهار لإتمام عملية التكاثر ، كما قضى على حشرات نافعة كانت تتغذى على الحشرات الضارة! كما قضى على الطيور التي تتغذى على الحشرات بل وعلى الحيوانات أيضا! أى أنه أخل بالتوازن البيولوجى للطبيعة! بل الأكثر من ذلك وُجد أنه قد تسرب مع مياه الأمطار إلى الأنهار والبحيرات وتسبب في قتل الكثير من الأسماك والكائنات البحرية ، وبالتالي تسرب إلى السلسلة الغذائية ، وبالطبع إلى غذاء الإنسان نفسه! صار المُبيد الذي اعتبره العالم فتحا علميا مادة محظورا استخدامها في العالم كله بعد عشرين عاما فقط! وهكذا “اللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”.