العاصمة

أوراق اللعب من ملفات المخابرات المصرية

0

إيمان العادلى

الحلقة الثانية

ايزاك رابينوفيتش
، وعلى الرغم من جنسيته الروسية لم يكن رابينوفيتش يحمل اى ملامح روسية على الإطلاق بل كان يبدو مثل اليهود الشرقيين اسمر البشرة والشعر ثم انه كان يعشق المال أكثر مما يعشق اى شيء فى الدنيا كلها والعجيب انه على الرغم من عشقه الشديد للمال والادخار والبخل اليهودي الشديد الذى يشتهر به بين زملائه ورجاله ، إلا انه كان لاستطيع مقاومة لعب الورق ( القمار ) فى أمسيات السبت وكان يفرح كثيرا عندما يكسب ويكاد يبكى فى حالة الخسارة حتى لو كانت مبالغ صغيرة، وكان عشقه للعب الورق نقطة ضعف واضحة لم يلتفت إليها قادة إسرائيل لمعرفتهم بولاء رابينوفيتش الشديد لإسرائيل ..وحار رجال المخابرات فى كيفية الاستفادة من نقطة الضعف هذه للحصول على السر المنشود ، حتى وصلتهم معلومة عن طريق التحريات الدقيقة ان الجنرال رابينوفيتش يحتفظ بنسخة من كل الوثائق السرية جدا فى خزينة منيعة مخفية بمهارة داخل منزله ، ولا احد يعلم مكان تلك الخزينة حتى زوجته نفسها.. ولأن اى عملية اقتحام كانت مرفوضة تماما نظرا لان الأسرار تفقد أهميتها إذا ما أدرك الخصم انك حصلت عليها فقد كان من الضروري البحث عن وسيلة عبقرية للوصول الى منزل الجنرال والبحث عن الخزينة وفتحها والحصول على الوثائق دون ان يشعر الجنرال ان ذلك قد حدث !! وهنا جاءت الفكرة العبقرية واقترح الرجال ان ينفذ العملية شخص من داخل إسرائيل حتى يحوز ثقة الجنرال بسرعة وسهولة ، ووقع اختيار الرجال على احد عملاء الجهاز داخل إسرائيل وهو رجل اعمل اسرائيلى يدعى ( دافيد باراهودا ) وكان قد هاجر الى إسرائيل وكره تلك الحياة الاستبدادية داخله لتتلقفه يد المخابرات المصرية ليعمل لحسابها بمنتهى الإخلاص منذ أوائل عام 1970 ، وبدأت العملية فى شتاء عام 1972م عندما سافر دافيد الى باريس بناء على برقية شفرية من المخابرات المصرية ، وهناك التقى برجل المخابرات امجد وعدد أخر من الرجال بينهم خبير فى العاب الورق والذي راح يدربه على ابرع حيلها وأدق أسرارها . وفى النهاية عاد دافيد الى تل أبيب بصحبة رجل أعمال فرنسي يحمل جواز سفر سليما باسم ( فرانسوا مولييه ) ويهوى أيضا لعب الورق.. وبعد فترة قصيرة كان فريق دافيد وفرانسوا قد اشتهر بالبراعة فى هذا المضمار وعقد عددا من الصداقات مع من يمارسون اللعب فى أمسيات السبت حتى قام احدهم بتقديم دافيد و فرنسوا الى الجنرال رابينوفيتش باعتبارهما هواة لعب الورق بنفس الحذر والمبالغ الصغيرة التي يهوى هو اللعب بها. وكان من الطبيعي ان يقبل رابينوفيتش بلعب دورة واحدة مع اللاعبين الجدد كنوع من الحذر ولقد قامر بمبلغ صغير جدا خشية الخسارة… الا انه ربح هذه المرة وفى المرة الثانية والرابعة والسابعة !!! ربح ثلاث دورات لأول مرة فى حياته حتى انه نسى وقاره و أجراءته الأمنية المعتادة وراح يصرخ من الفرحة واستمر فى اللعب وربح مجددا ، وفى نهاية السهرة أصر على ان يلتقي بالثنائي مرة أخرى فى السبت التالي وكل سبت ، ومع توالى الأسابيع والربح أدمن الرجل اللعبة وصار يسهر حتى منتصف الليل على طاولة اللعب كما لم يفعل من قبل ، وبدأ يتعامل مع دافيد وفرانسوا كصديقين حميمين خاصة أنهما كانا يتقبلان الخسارة بنفس صافية ودون غضب.. والواقع ان الرجلين كانا يلعبان ببراعة ليس لها مثيل ليخسرا دورة من كل دورتين تقريبا لحساب الجنرال الذى انبهر بالأرباح وأصبح يعتبر اللعب لأول مرة فى حياته وسيلة شبه منتظمة للربح ، حتى كان ذلك اليوم فى بداية صيف عام 1973 م ، يومها كان كل شيء يسير كالمعتاد والجنرال يكسب ويحصى أرباحه من أمسية اليوم، حتى حدثت تلك المشاجرة بين الفرنسي ونادل صالة اللعب وتطور الشجار بسرعة لينتهي بالفرنسي خارجا من المقهى وهو يقسم بأرواح أبائه وأجداده انه لن يدخل هذا المكان مرة أخرى ، ولأنه ضيفا على دافيد فقد خرج معه وهو يحاول تهدئته بينما كان الجنرال يبذل قصارى جهده لتهدئة الموقف الاستكمال أرباح الليلة التي اعتاد عليها، وغادر الجنرال وهو غاضب وهو يمنى النفس باستكمال الأرباح فى السبت التالي ولكن دافيد وفرانسوا لم يحضرا فى السبت التالي ولا الذى يليه ، وبعد مرور 4 أسابيع انهارت مقاومة الجنرال واخذ يبحث عن رفيقي اللعب بكل لهفة وعندما عثر عليهما كانت الصدمة فالفرنسي اقسم انه لن يدخل هذا المكان أبدا ، بل انه اقسم انه لن يلعب فى اى مكان عام مرة أخرى حفاظا على كرامته وهيبته، وبالطبع كان دافيد يوافق ضيفه على ذلك الموقف..وراح الجنرال يبحث عن طريقة مناسبة لاستكمال حلقة الربح الذى أحبه وأدمنه ولم يعد من الممكن ان يتخلى عنه ،

يتبع أن شاء الله

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading