العاصمة

أهل الشر

0
أحمد السندوبي
نادرًا ما نجد في الحياة ذلك الشرير الذي يملك من الصراحة والتسامح مع النفس ما يجعله يعترف أمام نفسه
أنه شرير، ذلك الذي نراه في الأفلام يفتخر بشره أو على الأقل يعترف به مثلما قال عادل أدهم ( ما احنا لو رحنا الجنة مش هنلاقي حد نعرفه).
في الغالب كل شخص يجد مبررًا لكل خطأ يرتكبه، هذا إن اعترف أنه خطؤه، والمبررات كثيرة؛ لم يكن أمامه
اختيار آخر، كان عليه أن يفعل ذلك تفاديًا لخطإٍ أكبر، لو لم يرتكب هو هذا الخطأ لارتكبه حتمًا شخص آخر، ثم
يحكي لك سلسلة من العوامل النفسية والضغوط العائلية والحياتية التي كان من الممكن أن تجعله شيطانًا ولكنه
بفضل فطرته النقية وطيبة قلبه اكتفى بالقليل من الأخطاء.

بعضهم قد يلجأ لإقناعك بأن الشخص الذي ارتكب الخطأ في حقه يستحق ذلك بل ما هو أكثر وينقل الحديث لتعديد عيوبه.

أما الحيلة الأشهر فهي أنه ليس الوحيد المخطيء وأنه أقل شرًا ممن حوله وأن المجتمع كله مذنب فلم علينا محاسبته وحده؟
الناس كلها ترتكب ما هو أكثر حتى أصبحت هذه هي القاعدة فلماذا يشذ هو عن القاعدة.

هكذا يتسلل الشر إلى نفوسنا، من الشقوق الصغيرة حتى لا يصطدم بالضمائر التي قد لا يزال بها بعض من حياة،
ذلك في البداية فقط ريثما تتسع تلك الشقوق ويمرح الشر بداخلنا دون خوف.

وهكذا نجد مجتمعًا فاسدًا بالكامل بينما الأفراد طيبون ويتشدق كل منهم بالفضيلة والحكمة، من أين إذًا ملأ
الفساد المجتمع إن كنا كلنا أنقياء، إنه فقط القناع الذي نرضي به ضمائرنا، ( كل ابن آدم خطّاء)، فلا بأس من ارتكاب بعض الأخطاء الصغيرة.

لا أخفيكم قولًا رغم أني لا أحب المجاهرة بالإثم وأعتبرها أكبر من الإثم ذاته لأنها تؤدي لانتشاره وتسهل
على الآخرين الوقوع فيه، إلا أنني أفضل التعامل مع الأشخاص الذين يملكون قدرًا من الصراحة مع النفس
للإعتراف بأخطائهم دون إدخالي في دوامة التبريرات.

حضرت ذات مرة نقاشًا بين اثنين من الأصدقاء، أحدهما يلمّح أن الآخر يأخذ عمولة من أحد المندوبين، لم يترك
الآخر له مجالًا للمناورة وفاجأه مباشرة: أنت تريد أن تقول أنني آخذ عمولة؟ حسنًا هل قال لك أحدهم أن سجاجيد الصلاة
قد تمزقت من كثرة صلاتي؟ العمولات أشتري بها سجائر فقط، مال حرام يضيع في الحرام.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار