![](https://i0.wp.com/bwabtelasyma.com/wp-content/uploads/2025/02/FB_IMG_1739202731225.jpg?resize=739%2C415&ssl=1)
ألفة الغربة
بقلم..أم عمار الكهالي
حين وطأت قدماي أرض مصر، لم أشعر أنني أترك وطني خلفي بقدر ما شعرت بأنني أعبر إلى امتداد جديد له، مختلف في بعض التفاصيل، لكنه قريب في الروح. لم تكن الغربة قاسية كما يصفها البعض؛ إذ أن العروبة لغة تجمعنا، واللهجة وإن اختلفت قليلاً كانت جسرًا للتواصل لا حاجزً
البدايات كانت مزيجًا من الألفة والدهشة؛ الأسواق تزدحم بحياة نابضة تشبه أسواق مدينتي، الأحاديث الدافئة بين الناس تصلني بنغمة مألوفة، ومع ذلك كانت هناك نكهة مختلفة لكل شيء. كأنني أعيش في نسخة جديدة من عالمي، مألوفة لكن تحمل في طياتها قصصًا تنتظر الاكتشاف..
لم أكن بحاجة إلى جهد كبير للاندماج؛ المصريون بطبعهم ودودون، وكانوا يرحبون بي وكأنني واحدة منهم منذ زمن. اللهجة المصرية التي كنت أستمع إليها في مسلسلاتهم او افلامهم أصبحت جزءًا من يومياتي، وعاداتهم الجميلة أصبحت مشهدًا طبيعيًا في حياتي .
رغم التشابه بيننا، كان هناك دائماً ما نتعلمه من بعضنا البعض. قدمت لهم أطباقًا من مطبخي، وتبادلنا الحكايات عن المدن والقرى وتحدثت بالهجتي..و اكتشفت أن ما يربطنا أكبر من مجرد حدود جغرافية أو لهجات مختلفة؛ إنه ذلك الانتماء العميق الذي يسكن الروح.
العيش في مصر كان درسًا في التعايش والانفتاح. لم أشعر أنني تركت وطني، بل اكتشفت جزءًا آخر منه. أصبحت لدي القدرة على أن أرى الجمال في الاختلاف وأن أقدّر التفاصيل الصغيرة التي تجعل كل مكان فريدًا.
رحلتي لم تكن مجرد انتقال مكاني بل كانت عبورًا نحو آفاق جديدة جعلتني أؤمن بأن الوطن ليس مجرد مكان، بل شعور يمتد أينما وجدنا دفء الانتماء.