أعد وأعتد
إيمان العادلى
سبحان العلي العظيم من ينعم علينا يوميا بجمال المعاني من عمق الايات الجمالية من القرآن الكريم.
أعد:
﴿وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا سَبَقوا إِنَّهُم لا يُعجِزونَ وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرينَ مِن دونِهِم لا تَعلَمونَهُمُ اللَّهُ يَعلَمُهُم وَما تُنفِقوا مِن شَيءٍ في سَبيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لا تُظلَمونَ وَإِن جَنَحوا لِلسَّلمِ فَاجنَح لَها وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ﴾ [الأنفال: ٥٩-٦١]
عملية الاعداد لما نستطيع ماهي الا مرحلة التخطيط التي تسبق مرحلة التنفيذ وتتطلب طاقة ومادة لنجاح المخطط وصلاح تنفيذه.
﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣]
الاعداد هو عملية الترتيب الذي يسبق التجهيز وهو بشرى مستقبلية تتحول لحقيقة مادية لمن يوفي بعهد الله وميثاقه.
﴿وَاتَّقُوا النّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكافِرينَ﴾ [آل عمران: ١٣١]
هذه الاية ايضا توضح وعد الله وترتيبه كمخطط معد مسبقا لمن لم يأخذ بالنذر.
﴿وَإِذ يَرفَعُ إِبراهيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسماعيلُ رَبَّنا تَقَبَّل مِنّا إِنَّكَ أَنتَ السَّميعُ العَليمُ﴾ [البقرة: ١٢٧]
هنا ندخل بعدا قياسيا منسجما مع معنى (أعد) فالقواعد هي قوة التخطيط العميق الفني الهندسي لبناء يليق ببيت الله الحرام ونتعلم ان من قام بالأعمال الشاقة للبناء الفعلي كان اسماعيل وليس ابراهيم عليه السلام.
أعتد:
﴿أُولئِكَ هُمُ الكافِرونَ حَقًّا وَأَعتَدنا لِلكافِرينَ عَذابًا مُهينًا﴾ [النساء: ١٥١]
هنا أتضحت الصورة بحيث تحول التخطيط والترتيب الى تنفيذ وتخصيص واضح فقد تكون دلالة تعذيب الكافرين فى الدنيا ماديا قبل الآخرة.
﴿وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أُولئِكَ أَعتَدنا لَهُم عَذابًا أَليمًا﴾ [النساء: ١٨]
ما تم تخصيصه لهؤلاء سينالونه فورا وبشكل مادي محسوس وكان وعد الله حق.
﴿فَلَمّا سَمِعَت بِمَكرِهِنَّ أَرسَلَت إِلَيهِنَّ وَأَعتَدَت لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَت كُلَّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ سِكّينًا وَقالَتِ اخرُج عَلَيهِنَّ فَلَمّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ وَقُلنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَرًا إِن هذا إِلّا مَلَكٌ كَريمٌ﴾ [يوسف: ٣١]
تاكيد ان امراة العزيز قامت بالتنفيذ الفعلي لمكيدتها بتسكين تلك النسوة قبل أن تجعلهن يمتنعن عما فعلوا ضدها.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لَيَبلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيءٍ مِنَ الصَّيدِ تَنالُهُ أَيديكُم وَرِماحُكُم لِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَخافُهُ بِالغَيبِ فَمَنِ اعتَدى بَعدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَليمٌ﴾ [المائدة: ٩٤]
من أعتدى تعني من نفذ خرق حدود الله فعليا ونفذ بالاعتداء لا بالإعداد فالله يأخذنا بما نفعل لا بِنَا نفكر ونقول.
﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغوِ في أَيمانِكُم وَلكِن يُؤاخِذُكُم بِما كَسَبَت قُلوبُكُم وَاللَّهُ غَفورٌ حَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٥]
هذا تاكيد دقيق بان الاعتداء هو ما يأخذنا به الله عز وجل وليد الاعداد فما ان تتحول الطاقة الفكرية لمادية فعلية حتى تستحق ردة الفعل والجزاء من نوع العمل.
نستفيد اليوم دقة رائعة فى المعاني القرآنية غير مسبوقة بحمد الرحمن لأعد وأعتد وجمال الكلمة القرآنية فالمعد غير المعتدي.
الإعداد: هي ترتيب وتخطيط فكري طاقي
الإعتداد: هي تخصيص وتنفيذ فعلي مادي
والله أعلم