أخطر وأشهر جاسوسة عربية للموساد
إيمان العادلى
الحلقة السادسة
وهكذا سافرت أمينة المفتي عميلة الموساد إلى لبنان في يوم 26 يونيو سنة 1973 لممارسة مهامها كجاسوسة بعدما تم إعدادها وتأهيلها بأحدث أساليب عالم الجاسوسية، وتم تكليفها بتقصي أخبار المنظمات والجبهات الفلسطينية، وكذلك جميع أخبار رجال المقاومة، والتحري عن مراكز إقامة قادة الفصائل الفلسطينية التي تقود المقاومة ضد القوات الإسرائيلية، كما تم تكليفها بالكشف عن مخازن الأسلحة والذخيرة وغيرها.
وعن طريق أحد مكاتب العقارات قامت أمينة المفتي باستئجار شقة بإحدى البنايات في منطقة من أروع مناطق بيروت وهي منطقة الروشة، وتحديدا بالقرب من مقهى الدولشي فيتا أشهر مقاه بيروت، كما أنها كانت حريصة على أن تطل شرفة شقتها على شاطئ البحر لتتمتع برؤية مياه البحر الأبيض المتوسط الزرقاء اللون.
ولكن واجهتها مشكلة واحدة وهي انقطاع الحرارة عن تليفون الشقة، واستعانت أمينة المفتي بصديقتها الأردنية خديجة زهران والتي تعرفت عليها من زيارتها الأولى لبيروت، وبدورها عرفتها خديجة زهران بأحد موظفي تليفونات بيروت ويدعى “مانويل عساف”، والذي أتى لها على الفور وأخبرها أن هذه الشكوى عامة وأنه سيسعى لإصلاح تليفونها في أسرع وقت.
وكثرت زيارات موظف التليفونات “مانويل عساف” لشقة أمين المفتي بحجة الاطمئنان عليها والسعي لحل مشكلة انقطاع الحرارة عن تليفونها من ناحية أخرى، وفي كل زيارة له كانت تقوم أمينة المفتي بمنح “مانويل عساف” مبلغ 50 ليرة، ولكنها ومن خلال نظراته إليها وبعد أكثر من زيارة له وبخبرتها أدركت أنه يطمع فيما هو أكبر من المبلغ الذي تمنحه إياه، فقدمت له جسدها مرة بعد مرة حتى أصبح أسيرا لما تمنحه له من جرعات الجنس التي تدربت عليها كثيرا.
ولكنها صدمت عندما طلبت منه معرفة أرقام تليفونات بعض القادة الفلسطينيين ورد عليها بأنه مجرد موظف صغير لا يملك معرفة هذه الأرقام، ثم أعاد إليها الأمل مرة أخرى حينما أبلغها بأن رئيسه “مارون الحايك” بالتأكيد يعلم هذه الأرقام، ولو تعرفت عليه فمن المؤكد أنه سيخدمها.
وهكذا قدم موظف التليفونات اللبناني “مانويل عساف” أمينة المفتي لرئيسه “مارون الحايك” على أنها طبيبة عربية تريد العمل متطوعة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأنها تريد أرقام تليفونات قادة المقاومة لتسهيل مهمة عملها، وبالفعل قام “مارون الحايك” بمنحها كل ما تطلب بعدما منحته هي جسدها وأرته من فنون الجنس ما أطار عقله، فأصبح هذا الرجل لها بمثابة كنز من المعلومات، وأصبحت هي مالكة مفتاح الكنز.
وعلى الفور قلمت أمينة المفتي بإرسال كل ما علمته بالطرق السرية التي تدربت عليها إلى قيادات الموساد، وجاءتها الأوامر باغتنام هذا الكنز الذي وقعت عليه، وذلك بالسعي للحصول على القوائم السرية لرجال المقاومة الفلسطينية في أوروبا، والأهم أنهم طلبوا منها السعي لمحاولة التنصت على تليفونات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، كما طلبوا منها محاولة التعرف على أخطر شباب منظمة التحرير الفلسطينية والملقب بالأمير الأحمر والذي يعده ياسر عرفات لخلافته في رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية
كانت من أهم التعليمات التي وجهتها قيادات جهاز الموساد لعميلتهم في لبنان أمينة المفتي محاولة تقصي آثار “الأمير الأحمر”، وكذلك محاولة التقرب إليه ثم التعرف عليه بأي وسيلة، ومحاولة رسم صورة له في خيالها وحفظ هذه الصورة وإيصالها للموساد ليسهل على رجال الموساد التعرف عليه ثم التخلص منه بعد ذلك، والسبب أن رجال الموساد جميعا كانوا يجهلون صورته وملامح وجهه.
و”الأمير الأحمر” لقب أطلقته جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل على “علي حسن سلامة” ذلك الشاب الفلسطيني الذي يبلغ من العمر 35 عاما، والذي أصاب الإسرائيليين بالجنون بعدما قتل منهم العشرات، وهو قائد القوة 17 أو الحرس الشخصي للسيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقائد الجناح العسكري للمخابرات الفلسطينية الذي قاد أشرس هجمات المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، كما كان أحد المخططين لعملية ميونيخ بألمانيا الغربية والتي راح ضحيتها 11 إسرائيليا سنة 1972.
والمعروف أن “الأمير الأحمر” علي حسن سلامة ذلك الفتى الوسيم مفتول العضلات صاحب الجسم الممشوق كان متزوجا من إحدى بنات عائلة فلسطينية كبيرة، ولكن الأمر المثير للدهشة أنه تزوج بعدها من ملكة جمال الكون الفنانة وعارضة الأزياء المعروفة “جورجينا رزق” التي اشتركت في عدد من الأفلام السينمائية مثل فيلم “جيتار الحب” وفيلم “الملكة وأنا”.
وبمساعدة عميلها المتيم بها “مارون الحايك” استطاعت أمينة المفتي أن تتوصل للأماكن التي كان.يتردد عليها الأمير الأحمر وخصوصا فندق الكورال بيتش، وهناك أشار لها تجاه شاب يجلس إلى إحدى الموائد وأخبرها أنه هو علي حسن سلامة الملقب بالأمير الأحمر، وهكذا ولأول مرة في تاريخ جهاز الموساد ترى عميلة له الأمير الأحمر رؤيا العين وترسم له صورة في خيالها.
ويوما بعد يوم كانت تراه من بعيد فتنظر أميرة المفتي ناحية علي حسن سلامة وتبتسم له لتلفت انتباهه إليها ثم تصرف نظرها بعيدا، حتى جاء يوم دخل فيه الأمير الأحمر فندق المورال بيتش، ثم توجه مباشرة إلى حيث تجلس أمينة المفتي والتي فوجئت باقترابه منها، ولكنها تمالكت نفسها وأخذت نفسا عميقا وهو يقترب من الطاولة التي تجلس عليها ثم ينحني ويرتكز بيديه على ظهر المقعد المواجه لها ثم بدأ معها حديثا طويلا.
وبعدما جلس الأمير الأحمر قبالة أمينة المفتي قدم لها نفسه على أنه رجل أعمال فلسطيني اسمه “كمال ياسين”، وقد أخبرته هي أنها طبيبة عربية قدمت لتساهم في علاج الجرحى الفلسطينيين المتواجدين بالمخيمات الفلسطينية، ثم انتهزت الفرصة دون تردد وطلبت منه وباعتباره رجل أعمال فلسطيني أن يستخدم نفوذه ويساعدها في مسعاها لعلاج الجرحى الفلسطينيين، وذلك بمنحها التصاريح اللازمة لزيارة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مدينة “صور” اللبنانية، والاطلاع على أحوال المستشفيات في جميع المخيمات الموجودة بالجنوب اللبناني.
فهل يقوم علي حسن سلامة أو “الأمير الأحمر” قائد الجناح العسكري للمخابرات الفلسطينية بمساعدة عميلة جهاز الموساد، هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله فانتظرونا.
المصادر
خطاب معوض خطاب
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.