أخطر وأشهر جاسوسة عربية للموساد
إيمان العادلى
الحلقة الأولى
ولدت أمينة داود محمد المفتي سنة 1939 في ضاحية راقية من ضواحي مدينة عمان الأردنية، وهي تنتمي لأسرة أردنية مسلمة شركسية الأصل، وكانت أسرتها تتمتع بمكانة إجتماعية وسياسية كبيرة شأنها شأن كثير من الأسر الشركسية التي توطنت بالأردن، فعمها مثلا كان ضابطا يحمل رتبة لواء في البلاط الملكي الأردني، بينما كان والدها من أثرياء الأردن حيث كان يعمل بتجارة المجوهرات، وكانت والدتها من سيدات المجتمع الراقي، حيث كانت سيدة مثقفة وتجيد التحدث بلغات متعددة، وكانت أمينة هي أصغر إخوتها جميعا.
وهكذا نشأت أمينة المفتي طفلة مدللة لا يرد لها طلب، وكانت أشبه بالأميرة وسط إخوتها في بيت أبيها الأشبه بالقصر، وكان والدها حريصا على تعليمها لتصبح طبيبة كما يتمنى، وبالفعل أصبحت أمينة المفتي طالبة ذكية متفوقة وتتمتع بجمال لا تخطئه عين من يراها وهي بالمرحلة الثانوية،كما أصبح لديها طموح كبير في أن تلتحق بإحدى كليات الطب وتحقق حلم أبيها.
ورغم أصل أسرة أمينة المفتي الشركسي إلا أن والدها كان محافظا جدا ومع حبه لها ولإخوتها إلا أنه كان صارما جدا في تربيتهم، حيث كان متأثرا بالبيئة العربية التي تحيط بهم من كل مكان، ورغم الأرستقراطية التي تتميز بها العائلة إلا أنهم كانوا متمسكين بتقاليد الشرق وقيوده التي تحرم الإختلاط وتحد من الحرية ولا تدع للفتيات سبيلا لتجربة الحب.
ورغم كل القيود المفروضة على أمينة المفتي الفتاة الأردنية الشركسية الأصل إلا أنها وقعت في الحب، فقد أحبت زميلها “بسام”.
في يوم 27 أكتوبر 1956 احتفلت أمينة المفتي بعيد ميلادها السابع عشر، ورغم الاحتفال الكبير الذي أقامته لها عائلتها الثرية، ورغم الهدايا الثمينة التي أهديت إليها إلا أنها كانت في منتهى الحزن، فمنذ أيام قليلة مضت أرسل لها حبيبها ومعشوقها بسام رسالة أغضبتها وأحزنتها بل وأفقدتها توازنها لدرجة أنها لم تعد تستوعب دروسها المدرسية، كما أنها أصبحت مشتتة الفكر وإذا فتحت كتابا تنظر إليه ولا تفهم منه شيئا.
“أنت أنانية، مغرورة، سريعة الغضب وشرسة الطباع. وتعتقدين أنك قادرة على شراء كل شيء بالمال، لكن صدقيني فإنه من المحال أن تشتري الحب بالمال”، كانت هذه هي الرسالة التي أفقدتها توازنها وأغضبتها، فقد كشف لها بسام فهمها الخاطئ للحياة الناتج عن تدليلها المفرط وبمعنى أدق الناتج عن سوء تنشئتها.
وبسام هذا كان زميلا لها في المدرسة، وكان شابا وسيما ومحط أنظار جميع زميلاته، وقد نشأت بينه وبين أمينة المفتي علاقة حب شديدة رغم الفوارق الكبيرة بينهما، فهي ذات حسب ونسب وجاه أما بسام فهو شاب من أسرة فلسطينية فقيرة رقيقة الحال، ورغم ذلك وقعت في غرامه وأحبته بكل مشاعرها، فقد كان أول حب في حياتها وأول من تحركت مشاعرها تجاهه وأول من خفق قلبها بحبه.
ورغم كل هذا الحب إلا أن بسام اتهمها بأنها متعالية وعنيدة وابتعد عنها وجعل يتهرب منها ويتحاشى أن تتلاقى نظراتهما ولو صدفة، وكان من الصعب عليها أن تتخيل حياتها بدونه، والأصعب أن تتخيل وجوده مع فتاة غيرها، ومع ضياع حبها ضاعت ابتسامتها وضحكتها وقضت أياما وليالي كثيرة في بكاء متواصل لا ينقطع، مما أثر على تحصيلها الدراسي فجاءت نتيجتها آخر العام في الثانوية العامة مخيبة للآمال حيث حصلت على مجموع 56% فقط، مما أضاع عليها فرصة تحقيق أمل والدها بدخولها إحدى كليات الطب.
وهكذا ضاع منها حبها الكبير كما ضاع مستقبلها الدراسي واتهمت أمينة المفتي بسام الشاب الفلسطيني بينها وبين نفسها بأنه السبب فيما حدث لها، فتبدل حبه داخلها إلى كراهية شديدة، وزادت كراهيتها له حينما علمت بأنه ارتبط بفتاة فلسطينية فقيرة مثله، كما كرهت هذه الفتاة الفلسطينية بل وكرهت كل فلسطيني وفلسطينية.
ووسط حزنها الكبير ونهر دموعها المتدفق عزمت أمينة المفتي على الإنتقام من بسام الفلسطيني، بل وعزمت على الإنتقام من كل فلسطيني وفلسطينية إذا أتيحت لها الظروف المناسبة لذلك.
كما عزمت أمينة المفتي على السعي لتحقيق حلم والدها بأن تلتحق بإحدى كليات الطب، فهل يتحقق لها ذلك؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى فانتظرونا.
المصادر
كتب/خطاب معوض خطاب