كتب اسلام محمد
في كتاب الله سبحانه وتعالى آيات كثير تتحدث عن اليل والنهار ومن ذلك قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا
وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [الأنعام: 96].
وقد ينظر الناس إليهما أنهما زمن بدون ان يعرف قيمة هذه النعمة ولا ان يعرف مهام كل منهما
وقد ذكر الله في القرآن مثال على أنه كيف سيكون الحال لو ظلى العالم ليل دائما او نهارا كيف
سيكون الحال
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ
تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 71- 72].
وفي هذا من الحكم ما لا يخفى على ذي بصيرة، يقول ابن قيم الجوزية – رحمه الله (… فانظر إلى
هاتين الآيتين (آية الليل والنهار) وما تضمنتاه من العبر والدلالات على ربوبية الله وحكمته كيف جعل الليل سكنًا ولباسًا يغشى العالم فتسكن فيه
الحركات وتأوي الحيوانات إلى بيوتها والطير إلى أوكارها وتستجم فيه النفوس وتستريح من كد
السعي والتعب حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وسباتها وتطلعت إلى معايشها وتصرفها جاء فالق
الإصباح سبحانه وتعالى بالنهار يقدم جيشه بشير الصباح فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق وكشفها عن العالم فإذا هم مبصرون فانتشر الحيوان وتصرف في معاشه ومصالحه وخرجت الطيور من أوكارها فيا له من معاد ونشأة دال على قدرة الله سبحانه على المعاد الأكبر)
ثم إن الخالق المنعم سبحانه حينما جعل الزمان قسمين متقابلين (نهارًا وليلًا، أو نورًا وظلامًا) فإنه قد أتم نعمته على عباده وهيأ لهم أسباب الحياة الطبيعية المتفقة مع طبيعتهم الإنسانية وفطرتهم القائمة على الحركة والسكون، والعمل والقرار، والتعب والراحة، فجعل لكل من الليل والنهار وظيفته المناسبة لطبيعته وطبيعة الإنسان
وإليك ايها القارئ أمثلة على وظائف اليل والنهار
أولًا: وظيفة النهار: أنه نشور، ومعاش:
1- أما النشور: فهو الانتشار وابتغاء الرزق، وانتشار الناس: تصرفهم في الحاجات (ينظر: المفردات في غريب القرآن للأصفهاني في صـ493).
2- وأما المعاش: فهو ظرف زمان أي وقتًا ومتصرفًا لطلب المعاش، وهو كل ما يعاش به من مطعوم ومشروب وملبوس.. إلخ، ويجوز أن يكون المعاش مصدرًا بمعنى العيش. [ينظر تفسير القرطبي 19/172].
ثانيًا: وظيفة الليل: إنه لباس، وسكن:
1- أما أنه لباس، فلأنه يستر المخلوقات بظلمته أي أنه كالغشاء يتغشاكم سواده وتغطيكم ظلمته كما يغطى الثوب لابسه. [ينظر تفسير الطبري سورة النبأ].
2- وأما إنه سكن فلأنه يسكن فيه كل متحرك بالنهار ويهدأ فيه فيستقر في مسكنه ومأواه، كما يقول الطبري، أو لأنه تسكن فيه النفس ويطمئن إليه القلب كما يقول ابن عاشور.
نعم تلك وظائف كل من الليل والنهار، والأصل في المخلوقات الحية أنها تستجيب اختيارًا أو اضطرارًا لتلك الوظائف، فتلحظ في النهار حركة دائبة ونشاطًا مكثفًا لا يفتر، فإذا جاءت الليل هدأت الحركة وسكنت وأوى كل حي إلى مستقره الأصلي.
وحال الناس اليوم قد خلط بين أعمال اليل والنهار فسار يسهر الليل كله، ونوم أكثر النهار. وتحويل الليل إلى ضوضاء، وصخب سواء في المنازل، أو في الشوارع، أو في الأسواق. وفتح المحلات التجارية إلى وقت متأخر من الليل. والتنظيم الاجتماعيات العائلية، والمناسبات الاجتماعية الأخرى في أوقات الليل، إن في المنازل أو في الاستراحات أو في البر، ناهيك عن التجمعات الشبابية (الشللية) في القهاوي أو الاستراحات أو غيرهما.
يقول الله سبحانه وتعالى { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا } [ الإسراء 12] . قال الطبري في تفسيره : قول تعالى ذكره: ومن نعمته عليكم أيها الناس، مخالفته بين علامة الليل وعلامة النهار، بإظلامه علامة الليل، وإضاءته علامة النهار، لتسكنوا في هذا، وتتصرّفوا في ابتغاء رزق الله الذي قدره لكم بفضله في هذا، ولتعلموا باختلافهما عدد السنين وانقضاءها، وابتداء دخولها، وحساب ساعات النهار والليل وأوقاتها { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا } يقول: وكلّ شيء بيناه بيانا شافيا لكم أيها الناس لتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من نعمه، وتخلصوا له العبادة، دون الآلهة والأوثان. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. قال السعدي في تفسيره : يقول تعالى: { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ } أي: دالتين على كمال قدرة الله وسعة رحمته وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له. { فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ } أي: جعلناه مظلما للسكون فيه والراحة، {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً } أي: مضيئة { لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ } في معايشكم وصنائعكم وتجاراتكم وأسفاركم. { وَلِتَعْلَمُوا } بتوالي الليل والنهار واختلاف القمر { عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ } فتبنون عليها ما تشاءون من مصالحكم. { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا } أي: بينا الآيات وصرفناه لتتميز الأشياء ويستبين الحق من الباطل كما قال تعالى: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.