آكلي لحوم البشر
من التراث /محمود الاصبح
عانت مصر من ظاهرة «آكلي لحوم البشر» في العصر الفاطمي بسبب مجاعة تعرضت لها البلاد في عهد المستنصر، وسميت المجاعة
وقتها بـ«الشدة المستنصرية» وهي مصطلح يطلق على مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت
بالعجاف نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية
في مصر 1036-1094م.
وذكر مؤرخون أن «الشدة المستنصرية من أشد المجاعات التي حدثت بمصر منذ أيام يوسف عليه السلام، فقد أكل الناس
بعضهم بعضاً،
وأكلوا الدواب والكلاب، وقيل إن رغيف الخبز بيع بخمسين ديناراً وبيع الكلب بخمسة دنانير. كما روى أن الأحباش كانوا يتربصون
بالنساء في الطرقات ويخطفوهن ويقتلوهن ويأكلوا لحومهن».
روى المؤرخون حوادث قاسية، قائلين: «فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤوس الخبازين
وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى
أنه باع مقابر آبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياعا صوب بغداد».
ومما روى المؤرخون عن مدى القحط والمجاعة التي استبدت بالناس أن الخليفة المستنصر نفسه باع كل ما يملك في القصر،
حتى بيع من المتاع ثمانون ألف ثوب، وعشرون ألف درع، وعشرون ألف سيف محلي، حتى الجواهر المرصعة بالأحجار الكريمة
يعت بأبخس الأثمان، ولم يبق له إلا حصيرة يجلس عليها وبغلة يركبها وغلام واحد يخدمه.
وذكر المؤرخ ابن إلياس أن «الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة بالشوارع
من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها».
وأشار تقي الدين المقريزي، في كتابه «إغاثة الأمة بكشف الغمة»، إلى أن الناس أكلوا القطط والكلاب، مضيفًا:
«أكل الناس القطط والكلاب بل تزايد الحال فأكل الناس بعضهم بعضا، وكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها وعليهم سلب
وحبال فيها كلاليب فإذا مر بهم أحد ألقوها عليه ونشلوه في أسرع وقت وشرحوا لحمه وأكلوا».
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.