العاصمة

آفة الآفـــات

0
بقلم /سماح فرج
خلق الله الإنسان ووضع داخله بذور الخير جميعها وبذور الشر أيضاً ، وهذه البذور لا تتحور أو تنمو
إِلَّا عندما تختار النفس منها ما يناسبها ، وكل صفة ونقيضها داخل النفس لابد أن تساوى الواحد الصحيح ؛
أى عندما تعلو صفة من صفات الخير تهبط المقابلة من الشر ؛ فالتناسب عكْسىّ لا محالة.
(وما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه ) .
ومقياس بناء حضارة الشعوب فى المقام الأول هو الأخلاق فإن فسدت فلن يفيد أى تقدم علمي أو عملي
ولن تُقام لها حضارة ، فالأرض البور لن يُجدي فيها زرعاً ولا غرساً ، وإن صلحت الأخلاق أصبحت الأمة راسخة
قوية سليمة العقيدة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وأول صفة من صفات الشر تحولت من السكون الى الحركة بأسرع ما يكون هى (الحقد ) أعاذنا الله وإياكم.
فالحقد أولها وأخطرها ؛ لأن به يفسد القلب ، وإن فسد القلب أحاطه جداراً صلباً يابساً من القسوة التي تتعطش
دائماً إلى الإنتقام والعداوة .
ويتحرك الحقد من مكمنه بسبب الأذى وقد يكون هذا الأذى غير مقصود ولكنه يُحدث في نفس الحاقد غضباً
شديداً يترتب عليه الرغبة فى التشفّي والإنتقام.
ويظل الحاقد يلهث وراء الانتقام فى دائرة مغلقة لا يخرج منها بل يمكن أن يزداد إتساعها ليصل إلى أقرب الأقربين.
ونجد في هذه الأيام جرائم غريبة كأن يقتل الإبن والديه أو يقتل الأخ أخيه وربما تقتل الأم ولدها وقد
تكون هذه الجرائم عن عمدٍ أو غير مقصودة ولكننا نتساءل كيف أقبلوا على فعل هذا ؟؟؟ ولا ندري أن
الحقد يمكن أن يُحْدث أكثر من ذلك.ولم العجب !! فلقد كانت أول جريمة حدثت على وجه الأرض بدافع
الحقد وقتل الأخ أخيه. ونرى إخوة يوسف عليه السلام عندما ألقوه فى غيابات الجُبّ. والكثير من
الأمثلة العجيبة بدافع الحقد.
ويقول الإمام على كرم الله وجهه(لو كان الفقر رجلاً لقتلته) فالفقر يمكن أن يكون دافعاً قوياً لتولد
الحقد خاصةً عندما تتآكل الطبقة المتوسطة وهى العازلة بين الطبقتين العُليا والفقيرة. وهى الحامية للمجتمع
من تحريك الماء الراكد.
عند اضمحلال هذه الطبقة يحدث الإنفجار ويتولد الحقد المجتمعي ويشعر الفقير بعدم الرضا بحاله والحسرة يعقبها لامبالاه إلى أن يصل إلى مرحلة الحقد على المجتمع والشعور بعدم الانتماء له .
وعلاج الحقد لا يتحقق بإدانته ،بالعكس ؛ نحن لا نلوم الطبقة الفقيرة فهى أكثر الطبقات عملاً وأقلّها دخلاً وأكثرها تأثراً بغلاء الأسعار ، ولكن التباين الشاسع بين أبناء الوطن الواحد هو من أُخرج هذا الحقد والذى يمكن أن يصل مداه إلى أبعد من ذلك ، ولولا بقايا من اخلاق قديمة وخوف من الله فى أصل النفس الأولى
لحدث ما لا يُحمد عقباه
لذلك لابد من تدارك هذه الأزمة بالرجوع إلى المبادىء والقيم وتنفيذ أحكام الدين الحنيف من زكاة أموالنا وصداقتنا وعدم الإسراف الذي يمكن أن يترك فى نفس الفقير شىء يُحزنه
وعلى مستوى الدولة يجب تقليص الضرائب وإعفاء الفقير منها كما يجب التأكد من وصول الدعم لمستحقيه ويحب أن تضع الدولة فى اعتبارها.أن الطعام قبل الأمن. لان البطون الخاوية هى وحوش ضارية. وصدق الله العظيم عندما قال( الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف )
ولعل الله يرسل لنا الأيات لنعتبر ولنتدارك الأمر. فهل من مدّكر ؟؟

اترك رد

آخر الأخبار