العاصمة

هل يدفع اليتيم ضريبة يتمه كتبت : أسماء فكري السعيد علي

0

اليتيم .. هو ذاك الذي أوصي الله ورسوله عليه بكفالته ورعاية حقوقه والإحسان إليه بل وتفضيله عمن

سواه .. فاليتيم هو ذاك الذي فقد أبا أو أما سواء كان كبيرا أو صغيرا وأصبح وحيدا بالدنيا بلا راع ولا مأوي ..

فحق اليتيم وكفالته هو حق من الحقوق الواجبة التي كفلها الإسلام لليتيم ..


حيث أورد الله في كتابه العزيز الكثير والكثير من الآيات القرآنية التي تأمر بالإستوصاء خيرا باليتيم وحسن

معاملته بل والرفق به وعدم نهره وقهره حتي نخفف عن اليتيم مرارة يتمه .. والإهتمام باليتيم ليس

المقصود به الإهتمام المادي فقط ولكن الإهتمام الحسي به وحسن معاملته والعمل علي إصلاحه

وإدماجه بالمجتمع المحيط به لأن العزلة لهم لها مساوئ خطيرة علي الحالة النفسية والسلوكية لليتيم

نتيجة حساسيته الشديدة ممن حوله لفقده أحب الناس له ..
قال الله تعالي .. ( ويسألونك عن اليتامي قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم .. ) .. فإكرام اليتيم يكون بدرجة مخالطته للمجتمع من حوله واندماجه فيه ..
وهناك الكثير من الأيتام أغنياء في المال ولكن فقراء معنويا وبالتالي يحتاجون ممن يكفلهم كفالتهم معنويا عن طريق الكلمة الطيبة والقول المعروف لهم ..
قال الله تعالي .. ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي والله اني حليم ) .
أيضا كفالة اليتيم تكون بالحرص علي تأديبه ورعايته ومراقبته ومحاسبته بالبيت وليس بالشدة المفرطة كما نفعل من أبنائنا من صلبنا .. كما فعل سيدنا زكريا مع العذراء مريم ابنة عمران عندما كفلها وكان يراقبها حتي وجد عندها رزقا كثيرا فسألها ..
قال الله تعالى .. ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لم هذا قالت هو من عند الله ) .
وكفالة اليتيم تكون بمراعاته وعدم تكليفه بما لا يطيق .. قال الله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) حيث أن مجرد الشعور باليتم كفيلا بأن يرهق النفس ويتعبها .
هذا بالإضافة للكثير من الأوامر التي وضعها الله حكرا وأمرا علي كافل اليتيم مثل ..
قال الله تعالى .. ( وأتوا اليتامي أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) .. وقوله ( إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) .. ( ولا تفرقوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتي يبلغ أشده ) .. وقوله تعالي ( فأنا اليتيم فلا تقهر ) .. وغيرها من الآيات التي مهما حاولنا أن نقدر علي حصرها جميعا وسردها هنا جميعا ..
أما السنة النبوية فسنجد العديد والعديد من الأحاديث والتعاليم المحمدية التي أخص بها اليتيم .. فسيدنا محمد صل الله عليه وسلم كان كافلا لأسامة ابن زيد .. ذلك الغلام اليتيم الذي رباه في كنفه فأحسن تربيته ليكون من أحد المبشرين بالجنة ليوعد الرسول كافل اليتيم وعدا يوم القيامة لن يخلف أبدا .. حيث قال صلوات الله عليه وسلامه ( أنا وكافل اليتيم كهاتين بالجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى ) .. ليوضح لنا مدي عظمة وقرب كافل اليتيم من الله ورسوله .
كل هذا جميل ورائع بل أكثر من رائع ولكن السؤال الذي أود طرحه الآن .. بالرغم من علمنا وحفظنا لكتاب الله وآياته وترديدنا لحديث رسولنا الكريم هل نطبق الشرع في كفالة وحق اليتيم ؟ ..
هذا سؤال صعب جدا والأصعب منه الإجابة عليه .. فلقد واجهت حالات كثيرة يتيمة في معاملة من حولها معهم تشعر وكأنهم يدفعون ضريبة يتمهم والتي ليس لهم ذنب فيها ..
أنا يتيمة .. كلمة توجع القلب جدا ولها وقع علي ناطقها مؤلم جدا .. وخاصة عندما يوجد من يقهره ويظلمه بحجة أنه يتيم وهو المسئول عنه ..
أنا يتيمة .. كم من فتاة قالت هذه الكلمة عندما طلب منها ولي أمرها لحضور مجلس الأباء بالمدرسة لتتذلل إما لعم أو خال حتي يحضروا بديلا لأبيها المتوفي ..
أنا يتيمة .. كم من فتاة جاوبت بهذه الجملة عندما يتقدم شابا لخطبتها لتبدأ رحلة عذاب من تدخلات وتحكمات ممن حولها في كل صغيرة وكبيرة بحياتها وليس من حق الفتاة الاعتراض والأدهي التحكم والتذمت في قرار من بيده الأمر في رفض ذلك العريس غير مباليا برغبة تلك الفتاة اليتيمة في الشاب أو لا وحجته أنه يعرف مصلحتها أكثر مستندا علي إعتبارات ومبررات مخذلة تقهر قلب تلك اليتيمة التي تتحول أيامها لمسلسل من الحيرة والحزن بين رغبتها وطاعتها لظالم مستبد يكفلها مقتنعا أن رأيه الأصح ..
أنا يتيم .. كم من فتي قال هذه الجملة وهو مكسور ومقهور عند تقدمه لخطبة أحدهم أو عند مواجهة ظروف وضغوط الحياة فقد فيها السند والظهر ..
خلاصة القول .. أن اليتيم في زمننا هذا أصبح يعيش في رعب مستمر وحالة من القهر والظلم يتعرض لها ممن حوله بحجة أنهم مسئولون عنه وللأسف لا يستطيع الصراخ أو التمرد أو حرية الإختيار .. وعن تجربة شخصية رأيتها وعشت واقعها بعيني عن فتيات يتيمات الأب ظل من حولهم يتدخلون في حياتهم ويقهرونهم حتي مرضت الأم وأصبح الفتيات يكرهون من حولهم بل يخافون من مقابلة الناس والتعامل معهم ..
أهذا ما أوصي به الله ورسوله .. أهذا حق اليتيم الذي نظن جميعا أننا نؤديه ولا نقصر فيه .. أين مسحة الرأس علي اليتيم ليشعر بالحنان وتصبح يد الماسح يد لها ريح طيبة تحرم علي النار ..
مع الأسف .. في زمننا هذا وصلنا لدرجة من التعنت والظلم والقهر مع اليتيم جعلته يصرخ ويقول بمنتهي الألم المميت أهذا ثمن أدفعه ليتمي ؟ .. فأنا أدفع ثمنا لذنب ليس لي فيه يد ..
كان الله في عون كل يتيم مقهور ظلم ممن حوله .. وحتي أنا فكان الله بعوني
فأنا أيضا وللأسف يتيمة تدفع ثمن يتمها غاليا .. ولهذا كان مقالي فبالله عليكم أوصيكم بالأيتام خيرا فلا تؤلموهم لأن ذاك الألم مرارة في حلق اليتيم لا يقوي علي تحملها بشر .. حتي لا تصبح بمجتمع نقول فيه أن اليتيم يدفع بالفعل ضريبة يتمه .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار