إلي مقطوعاتهما وآهٍ لو حالفني الحظ واستمعت إلي برنامج عمار الشريعي
الإذاعي الشهير (غواص في بحر
النغم) أعثر علي مبتغاي من الدرر واللآليء الموسيقية الثمينة وجبة موسيقية دسمة ،تسمع من الغواص عرضاً
وشرحاً للموسيقي وكأنك تراها.
لاينافسهما في هذا الأمر عندي إلا صوت حليم وفيروز وعمرو دياب فأنا حليمي فيروزي ديابي المزاج لكني في الفترة الأخيرة
كنت أستمع (لنصير شمة) عازف
العود العراقي الشهير ومؤسس بيت العود العربي بمصر والذي أصبح له فروع في عدة دول عربية وأتمني تعميم التجربة
ونجاحها وانتشارها في كل ربوع الوطن
العربي ،كنت أسمع الرجل في الماضي علي استحياء ولا أعيره اهتماماً ولا أتوقف عنده ولكني عندما أنصت لابن بلاد الرافدين
وموسيقاه التي يخرج منها شجن
وكأنها تبكي علي أطلال بغداد ندمت علي أنني لم أفهم موسيقي نصير شمة إلا مؤخراً.
ومن عدة أيام شاهدت له حفلة مذاعة علي قناة النيل الثقافية يعزف علي العود بحرفية عالية تشبه حرفية عمالقة
زمن الفن الجميل عبدالوهاب وفريد الأطرش
والسنباطي والقصبجي فهؤلاء هم ملوك العزف علي العود فالعود والقانون هما أحب الآلات الشرقية لقلبي والأغنية
التي تخلو من العود أو القانون لاتستسيغها
أذني ولاتطرب لها مسامعي وأشعر أن الأغنية ينقصها شئ.
من ضمن ماأبهرني عندما عزف مع المجموعة رائعة عبدالحليم حافظ ومرسي جميل عزيز وكمال الطويل (علي قد الشوق) وهي بالمناسبة أحب وأعز وأقرب
أغنية لقلبي غناءاً وأداءاً وإحساساً لحليم ولحناً رشيقاً متألقاً لكمال الطويل وكلمات شاعر الألف أغنية الجميل مرسي جميل عزيز مع صوت حليم فهذا الثلاتي
شكلوا معاً دويتو متجانساً غير خريطة الغناء العربي وقالبه وهذه الأغنية تحديداً قد غيرت شكل الأغنية العربية وأنا أعتبرها بداية ثورة فنية نستطيع بعدها أن نؤرخ
للأغنية العربية المودرن الحديثة التي أجهزت علي آخر معاقل (التخت الشرقي) عزفها (نصير شمة) علي عوده ومن درجة إجادته وتمكنه وموهبته وحلاوة عزفه
كنت أشعر أن عوده يغني ويصدح بصوت يحاكي بل ينافس صوت حليم فأيقنت أنني أمام غواص جديد في بحر النغم وكأن (زرياب) و(إسحاق وإبراهيم الموصلي)
قد بعثا من جديد من عصر هارون الرشيد ومن عصرهما العباسي ليسلما لنصير شمة الراية من جديد ،لعل موسيقاه تكون خير تعويضٍ لنا عن غواصنا الأصلي