لعلَّ الوقت حان
كوثر أحمد عبد الرحيم :
لتبدأ حيث وقفت، لتجمع عليك شتات نفسك، لتنظر في تفاصيل أمورك وتقلّل شكواكَ للبشر، لتُعيد النّظر في صلاتك من وضوئها إلى التسليمة الثانية، لترى أنّها صناعةٌ للقادة وتثبيتٌ لقلوبهم وليست رياضة المتسارعين، لتنظر في أوقات نومك وفقرات غذائك ولياقة جسدك ومرونة ذهنك وسرعة بديهتك وشُعلة همّتك، ومكتبة قراءتك .
موتُ الإنتاجية اليوم، هي موت النّفوس من دواخلها وضعف الإرادة وقلّة العمل، وضياع الإبداع وهباء النتائج.. إن لانت النُّفوس ضاعت الطُرُق وتاهت الغايات، فلا تمام للفراغات .
لمَ لا تُقيّم نفسك؟ انظر في كلّ جوانب حياتك البسيطة الصغيرة في جلسة يومٍ أو أكثر، انظر ما فعلت و أسّستَ و أنجزت.. بل انظر الفارق بين سنتك هذه والتي مضت، وبين اليوم وأمس.. وبين ساعةٍ وأخرى..
سأعطيكَ فكرة..
انظر الآية 19 من الإسراء..
(وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا)
• ومن أراد: هنا امتحان الوعي، أن ترى الطريق، وتحدد المسار وتختار وتثبّت نظرك على الجائزة، تنظر إلى أفق الآخرة وأنت في خطوتك الأولى. ثبّت قدمًا هناك وقدمًا هنا، ان تكون جسدًا هنا وروحًا مُعلّقةً هناك.. “أرواحٌ تبني الآخرة”
• الآخرة: هي الغاية والهدف.. تحديد نقطة الوصول يؤتيكَ همّة الديمومة، أن تكون مستمرًا في التحمّل مُصرًا على الوصول شغوفًا بكل تجربة تواجهك، أن تكون جسدًا يسيرُ دون ملل، يحاول دون كلل، ينظر الهدف ولا يلتفت ساعةً لغيره.
• وسعى لها: الحركة، أن تنتقل من الفكرة والأمنيات إلى الغايات، إلى التنفيذ عملًا والجُهد أملًا والتكرار دهرًا، “أنت حيٌّ بها” تنقلك من الفراغ إلى الامتلاء، لست تخوض مع الخائضين، لستَ لَعوبًا يصدأ، بل صاحب قضيّة يزرع.
• سَعيها: أنت تسعى لكن “لها” على دربها إذًا بمقدار الحُبّ “لها” يكون سَيرًا شغوفًا توَاقًا “لها”. وبمقدارها تكون أنت.. ما عليكَ فعله هو أن ترى ما يوصل لها وتتّبع آثارها دون إبطاء بل اتّكاء.. بمقدار التحَرُّق يكون التَحَرّك وبقدر الاستعداد يأتيك الإمداد.
• وهو مؤمن: الجذر الأساس لنجاح الفكرة، هو الإيمان بها، أن تتجذّر فيكَ روحًا وأنفاسًا يا صديق، أن تؤمن يعني أن ترى ما لا نراه، والصادق تثبتُ خُطاه.
• فأولئك كان سعيهم مشكورا: بقدر الأعمال يكون الجزاء وبقدر الغرس يكون الحصاد فنحن نزرع والله يسقي، وما خابَ زرعٌ لله، وما خاب سقاءُ ربّك يا فتى.
ابتَعِد قليلًا..و اطلب من الله ترتيبك، واشدُد على قَلبك إنّ الأيّام عجاف، آتِ القَلب حقّه، وأعطِ الرُّوح ميزانها
طِب نَفْسًا، وشُدَّ الأزرَ لا تكُنْ من وَرَق.. و اتّكئ بكُلِّكَ على ربِّ الفَلَق، إنَّ الله لا يخذل مَن صَدَق.
{وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.