العاصمة

قرأت لك نتنياهو مع الأبيض أزرق في إسرائيل

0

لواء دكتور/ سمير فرج

متابعة عادل شلبى

أخيراً، وبعد عام ونصف، من أسوأ أزمة سياسية في تاريخ إسرائيل، تخللتها ثلاث انتخابات تشريعية، وارتدادات غير متوقعة، تم الإعلان عن تشكيل حكومة ائتلافية، لمدة ثلاث أعوام، تضم حزبي الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، وحزب أبيض-أزرق، المنضم حديثاً للحياة السياسية الإسرائيلية، مقتبساً اسمه من لون العلم الإسرائيلي، يتزعمه بيني جانتس، البالغ من العمر 59 عاماً، وله صيت في الأوساط العسكرية في إسرائيل، إذ شغل، سابقاً، منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ليصبح ثالث رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، يأتيها من المنصب، خلفاً لكل من إسحاق رابين، وإيهود باراك.

ينحدر جانتس من أصول رومانية ومجرية، لأبوين، ناجين من المحرقة النازية، حصل على شهادة في التاريخ، من جامعة تل أبيب، وشهادة في العلوم السياسية من جامعة حيفا، وأخرى عن إدارة الموارد الوطنية من كلية الدفاع الأمريكية، كما تدرج في صفوف قوات المظلات، وشارك في معظم معارك الجيش الإسرائيلي. جاء هذا الاتفاق، بتشكيل الوزارة الجديدة، ليخرج إسرائيل من أزمتها السياسية، التي طالت لعام ونصف، متضمناً الاتفاق على تشكيل الحكومة من 30 وزيراً، يحصل فيها حزب أبيض-أزرق على 16 حقيبة وزارية، منها الدفاع، والقضاء، والإعلام، بينما يحصل حزب الليكود على حقيبة وزارة الخارجية، لمدة عامين، ثم يحصل حزب الأزرق- أبيض على الوزارة بعدها.

أما رئاسة الحكومة فسيستمر فيها نتنياهو لمدة عام ونصف، ثم يتولاها جانتس من بعده، علماً بأنه خلال ولاية نتنياهو لرئاسة الحكومة، سيتولى جانتس مهام وزارة الدفاع، بالإضافة إلى منصب رئيس الحكومة البديل، ولا يحق لنتنياهو عزله، على أن يتبادلا الألقاب، والمناصب، بعد التناوب. أما فيما يخص المجلس الوزاري المصغر، للشئون السياسية والأمنية، فستوزع مهامه وعضويته بالتناوب، كما تم الاتفاق بين الليكود، وحزب أبيض-أزرق، على مبدأ فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، وجميع المستوطنات، وعدم إجراء أي تعديل على “قانون القومية”، الذي يُعّرف إسرائيل بأنها الوطن القومي، لليهود حول العالم.

بعد تشكيل الوزارة، تساءل جميع المحللين، عما ستصبح عليه أحوال دولة إسرائيل، في الفترة القادمة، في ظل وجود حزبان يحكمان البلاد، وما لذلك من تأثير على متخذ القرار الإسرائيلي. لقد أكدت معظم التحليلات، أن هذه الحكومة، الحالية، التي يطلق عليها “حكومة طوارئ”، ستكون أهم المشاكل العاجلة التي ستقابلها، هو التعامل مع أزمة كورونا، من الناحية الصحية والاقتصادية. أما على المستوى السياسي، فلازال نتنياهو متمسكاً بقراره، بضم أجزاء من الضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، وضم المستوطنات، باعتباره أهم مقومات برنامجه الانتخابي، في ظل تأييد ترامب لهذا القرار، حتى أن البعض يرى أن تنفيذ ذلك القرار، مرتبط ببقاء ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، لفترة قادمة، خاصة بعد رفض الاتحاد الأوروبي، مؤخراً، لقرار الضم.

يلي ذلك سياسة إسرائيل تجاه إيران، إذ تركز كل جهدها، حالياً، على التخلص من الوجود الإيراني على الأراضي السورية، مستقبلاً، وهو ما يتضح من قيامها بتنفيذ ضربات، على التجمعات العسكرية الإيرانية، على الأراضي السورية، كذلك ضد عناصر حزب الله هناك، الموالي لإيران. وهنا تتطابق وجهات نظر حزب الليكود، وحزب أبيض-أزرق، في اعتبار إيران، حالياً، هي العدو الأول، والرئيسي، لها في المنطقة. ومن هنا يتم متابعة النشاط العسكري الإيراني، وخاصة النووي، بكل دقة، وهناك تعاون كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن، ولقد طلبت إسرائيل، عدة مرات، السماح لها بتوجيه ضربات جوية، وصاروخية، ضد المنشآت النووية، في إيران، منذ عهد الرئيس السابق أوباما، إلا أن أمريكا كانت، ولازالت، تمنع تدخل إسرائيل بأي عمليات عسكرية ضد إيران، وترفض مشاركة القوات الأمريكية فيها.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، فإنها أهم بنود المزايدة بين الحزبين، في الشارع الإسرائيلي، وتحديداً فيما يخص ضم الأراضي الجديدة، والمستوطنات؛ حيث يعتمد نتنياهو على دعم ترامب، الشخصي، لهذا القرار، رغم أن أزمة كورونا أدت لتوقف إدارة ترامب عن طرح، واستكمال، صفقة القرن، التي وافقت عليها إسرائيل، ويراهن عليها نتنياهو من خلال الناخب الإسرائيلي. أما بالنسبة لتركيا، فإن نتنياهو يؤيد، بشدة، الوجود التركي في شمال سوريا، بهدف إضعاف سوريا، وتفتيت الكيان السوري، بإخراج الأكراد السوريين من التحالف مع نظام بشار الأسد، بهدف تقويض الدولة السورية، وإضعاف أعمدتها، تمهيداً لتقسيمها، علاوة على طرد التواجد الإيراني، وحزب الله، منها. وفي تلك الأحيان، تراقب إسرائيل، عن قرب، تدخل حزب الله في مجريات الأحداث في لبنان، باعتباره يشكل قوة رئيسية في توجيه لبنان، وسياساته الخارجية.

وعلى المستوى الداخلي، فإن إسرائيل تعيش على فكرة الخطر المحيط بها، باعتبارها وسيلة لتوحيد شعبها، رغم كل التناقضات، والاختلافات، بينهم، لذا سيعمل الطرفان؛ الليكود وأبيض-أزرق، على استمرار تعميق هذا الشعور داخل المجتمع الإسرائيلي، في الفترة القادمة، خاصة من ناحية التهديدات الإيرانية، ونواياها في التسليح النووي. أما السياسة الخارجية الإسرائيلية، بعد أن تم تشكيل الحكومة الجديدة، فلن تتغير، وستظل على نهجها في استمرار التواصل مع الولايات المتحدة، والتمتع بدعمها، وتأييدها لقرارات إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وضم الأراضي من الجولان والأردن، مع استمرار التركيز على التهديد الأكبر، حالياً، وهي إيران، ليستمر اتحاد الشعب الإسرائيلي حول هذه المفاهيم.

اترك رد

آخر الأخبار