يقول الله تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) [القصص:68]. فخلق الله تعالى الملائكة فاختار منها
جبريل ليكون أفضلها، وخلق الله تعالى البشر فاختار الأنبياء ليكونوا هم أفضلَهم، واختار الله تعالى
الشهور فاختار منها رمضان ليكون هو أفضلها، وخلق الله تعالى الأيام فجعل هذا اليوم وما بعده مِنْ
أيامٍ هي أفضلها؛ ففي حديثٍ رواه البزار عن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه
وسلم- قال: “أفضل الأيام عند الله أيام العشر”. وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الذي
أخرجه البخاري ومسلم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبّ إلى
تعالى من عشر ذي الحجة”، ونحن الان نعيش في بداية ايام شعر ذي الحجة شهرا مبارك وشهر ذي
الحجة يمتلاء بالنفحات الربانية والعطاء الإلهي فطوبة لمن إصابة في هذه الأيام نفحة من نفحات ربة لا
يشقى بعدها ابد وحال المسلمون في هذه الأيام يتنافس فيها المتنافسون ويتسابق في المتسابقون
لينال رضا خالقهم ويفوز برحمة ربهم والايام الأول من شهر ذي الحجة هي ايام الخيرات والبركات ايام
الطاعات العمل في هذه الأيام لا يقتصر على عمل واحد بل تعدت العبادة من صيام وقراءة القرآن
وصلاة وذكر لرب الأرض والسماوات ومما يدل على فضلها العمل في الأيام الأولى من ذي الحجة
وشرفها وقدر هذه الأيام ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله
ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من
ذلك بشيء)، ويكفي في فضلها وكرمها أن الله أقسم بها وهو سبحانه لا يقسم إلا بعظيم من خلقه
قال تعالى ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2].. فالأيام الأولى من ذي الحجة افضل من العشر
الأواخر من رمضان قال الإمام ابن حجر -رحمه الله تعالى-، لما تكلم في فقه حديث ابن عباس، لما قال
-عليه الصلاة والسلام-: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من العشر”، قال الإمام ابن
حجر: “وذلك لاجتماع رؤوس العبادات، أو قال أمهات العبادات في هذه العشر”، فإنه يجتمع فيها الصدقة، ويجتمع فيها الصلاة، ويجتمع فيها الحج، ويجتمع فيها الصوم، وهذه الأربعة يستطيع أن يعملها
الإنسان خلال هذه العشر؛ أما في رمضان فإنه يستطيع أن يعمل الصلاة، والزكاة، والصيام، لكنه لا يستطيع أن يعمل الحج في رمضان.
ويتطلب من العبد في هذه الأيام
يقول بعدة أشياء حتى يكون من الفائزين وهي
التوبة الصادقة : فعلى المسلم أن يعلن في مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [النور:31]. وان يبادر فيها بالعمل الصالح في الأيام العشر من ذي الحجة على اغتنام هذه الأيام :فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال
والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
(69) ) العنكبوت وان يسعى دائما بالبعد عن المعاصي: فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه
فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي
غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل. فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم،