العاصمة

عندما غابت الفلسفة فى حياتنا حضر الإرهاب

0

 

متابعة احمد عبد الحميد
الدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا
لاحظ الكثيرون منا أن الشباب الذين ينضوون تحت لواء الإرهاب الأسود ، هم خريجو
الكليات العملية كالطب والهندسة وغيرها من الكليات
العملية ، التى لا تدرس شيئا من العلوم النظرية الإنسانية والاجتماعية ، ولعل ذلك
يثير سؤالا كان لابد للمفكرين من إجابة عنه ، هل هى طبيعة الدراسة فى هذه الكليات العملية ، بما تشكله مناهجها ومقررات الدراسة
فيها وأنشطتها ، من صياغة عقول طلابها على نحو يسهل فيه استهواؤهم وقبولهم لأفكار المتطرفين ، وللفكر المتشدد ؟ وبعبارة أخرى
هل التركيز فى المنحى الدراسى على العلم العملى التطبيقى دون العلوم النظرية سبيل يسهل على البعض من الشباب الوقوع فى
هوة الإرهاب وفخ الإرهابيين ؟ بحيث لا يستطيع العقل الذى تشكل بالمعرفة التطبيقية العملية وحدها فى هذه الكليات ، لايستطيع
التعامل على نحو صحيح مع التأطير النظرى للظواهر الاجتماعية وللاراء والأفكار والاتجاهات والرؤى المتعددة والمختلفة التى يطرحها
العلماء والمفكرون حين يدرسون الظواهر المتعلقة بالإنسان والمجتمع ، وقضاياه الدينية والسياسية والثقافية ، وهل تكون طبيعة الدراسة
والمناخ الذى تتم فيه العملية التعليمية فى المعاهد والكليات العملية ، عاملا فاعلا وأساسيا فى تبعية العقل وغياب استقلالية العقل
والفكر ؟
لقد ذهب البعض إلى ذلك ، ورأوا أن إغفال تدريس العلوم النظرية فى هذه الكليات سبب رئيس لتأثر الشباب بالفكر المتطرف ، وكان من
رأيهم أن أهم العلوم التى تعصم الشباب من خطر الإرهاب ” الفلسفة ” . فليس صدفة أنه لا يوجد إرهابى درس الفلسفة ، بل العكس .
فالارهابيون يدرسون كل شىء الا الفلسفة ، والكليات العملية تخلو مقررات الدراسة فيها من أى شىء يتعلق بالفلسفة . والفلسفة بما
تعنيه من التفكير والتأمل واعمال العقل والإرادة الحرة ، لا تستقيم بحال من الأحوال مع فكر الطاعة والاذعان وقبول الأمر دون مناقشة ،
وهو الذى يجب أن يتوفر فيمن ينضم إلى جماعات الإرهاب .
واصحاب هذا الرأى يذهبون فى علاجهم لمشكلة الإرهاب والقضاء عليه فى عقول وقلوب الأجيال ، إلى ضرورة تدريس الفلسفة فى كل
مراحل التعليم نظريا كان هذا التعليم أم عمليا . . في تعلم طلابنا ما تكسبه الفلسفة لدارسيها من القدرة على الحوار والنقاش والجدل ،
والنظر إلى الأمور من زوايا متعددة ومختلفة وقبول الرأى الآخر ، ومناقشة الحجة بالحجة ، ومقارعة الفكر بالفكر لا بالعنف المادى ، ونبذ
التعصب وأحادية التفكير ، وعدم الايمان بالخرافات ، وكراهية التفكير الأسطورى ، إلى غير ذلك مما يكون عقلا حرا مستقلا ، لا يسلم قياده
لمرشد أو أمير ، يمسخه فيورد صاحبه موارد الهلاك ، فيناصب الحضارة والإنسانية الكراهية والعداء .
لعل فى تدريس الفلسفة لطلابنا ما يسهم فى ذلك ، ويعصمهم من التردى فى وهاد الإرهاب . ويصبح صحيحا أنه إذا حضرت شمس
الفلسفة توارت ظلمة الإرهاب .

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

آخر الأخبار