عندما تصبح الموسيقى لعنة
إيمان العادلى
سنة 1930 فترة الكساد الكبير اللي حصل في العالم،
ازدادت نسبة البطالة والفقر في أوروبا وانتشرت الفوضى
والسرقة وكل حاجة غلط.. الوضع كان صعب.. المجر
(هنجاريا) كانت واحدة من أكتر الدول اللي عانت من
الفقر ده وسجلت أعلى نسب انتحار وقتها.
“جوزيف كالر” عجوز شنق نفسه في أوضته، وتم استدعاء
الشرطة عشان يعاين الغرفة، اكتشف إنها غرفة متهالكة
وقذرة جدا والعجوز ده بيعاني من الفقر والمرض فطبيعي
يعني ينتحر.. الأوضة مكنش فيها حاجة مُلفتة للنظر ما
عدا طرابيزة عليها ورقة فتحها ملقاش فيها غير كلمتين
“الأحد القاتم”.
كانت عبارة عن أغنية لمطرب مجري اسمه بول كالمار
وكانت أغنية كئيبة جدا عشان كده الظابط مستغربش.
لكن بعدها بكم يوم حصلت حالة انتحار لفتاة شابة برضه
انتحرت وسممت نفسها، وسابت جمبها دفتر مذكراتها..
ومكتوب في آخر صفحة كلمتين بس “الأحد القاتم”..
الظابط استغرب!
بعدها بدأت حالات الانتحار تتزايد بشكل كبير وكلها كانت
ليها علاقة بالأغنية دي.. اللي ضرب نفسه بالنار واللي
قطع شرايينه، برضه قصة راجل دخل حانة وطلب من
العامل يشغله الأغنية دي.. بمجرد ما الأغنية خلصت
الراجل قام ورمى نفسه قدام أول عربية قابلته!
الموضوع أصبح مُريب مش مجرد انتحار والسلام،
الشرطة طلبت من الدولة حظر بث وسماع الأغنية دي
لكن شافوا إن ده هيزيد الطين بلّة وهيخليها تتشهر أكتر..
هي بالفعل كانت اتشهرت أصلا وكترت حالات الانتحار
بسببها وانتشرت في أوروبا كلها.
مع شهرة الأغنية تم ترجمتها لأكتر من لغة وأكتر من
مطرب غناها، أشهرهم المطربة “بيلي هوليداي”
هسيب لكم كلمات الأغنية في الكومنتات وفيديو للأغنية نفسها.
لكن مين بقى اللي كتب الأغنية دي ومين اللي لحنّها؟!
“راجو شرش” ملحن مجري مش معروف أصلا.. عانى من
الفقر والاضطهاد أثناء الحرب العالمية التانية وشاف
عيلته كلها بتتعذب وتتضرب بالنار قدام عنيه.. هو الوحيد
اللي نجى من الموت.
قصة الأغنية عبارة عن إنه كان بيحب واحدة وحصل
بينهم خناقة وانفصلوا عن بعض، بعدها بفترة حاول
يرجعلها تاني.. اشترى ورد وراحلها البيت لقى الناس
عمالة تعيط وتصرخ دخل لقاها ميتة ع سريرها، خسر آخر
حاجة كانت في حياته وأصبح وحيدا تماما.. من هنا بدأ
بالمقطوعة الموسيقية دي، واللي كتب كلمات الأغنية كان
صديقه الشاعر “لازو جافور”.
ناس كتير اعتبرت إنه الموضوع مُبالغ فيه والأغنية
ملهاش علاقة أصلا.. كده كده الفترة دي كانت كلها حروب
وفقر ويأس فطبيعي حالات الانتحار تبقى حاجة عادية.
ناس تانية شافت إنه ربما الأغنية بالفعل زوّدت من
معدلات الانتحار، اللي هو إنت عايش في فقر ويأس
فتقوم تسمع الأغنية تحس بعدمية الحياة وتبدأ تفكر
جديا في الانتحار.
ومع ذلك هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي حظرت نشر
الأغنية وكتير من المحطات الإذاعية عملت نفس الكلام
واعتبروها أغنية مؤذية.
الغريب بقى والمأساوي إن المُلحن نفسه نهايته كانت بإنه
انتحر يمكن بسبب الفقر رغم شهرته بعد الأغنية ويمكن
بسبب شعوره بالذنب إنه مسؤول عن الناس اللي انتحرت
دي فقرر ينتحر هو كمان ويريح نفسه.. انتحر يوم عيد
ميلاده الـ 69 واللي بالصدفة كان يوم “أحد”.