16- علمتني الهجرة: أن الشدائد تثقل معادن الرجال، فرجال الأرقم وشعب أبي طالب وبيعة العقبة الأولى
والثانية هم رجال الهجرة، وهم رجال الدعوة والدولة، فلولا حصار شعب أبي طالب ما رأيت للجنة من
طالب، وكم قوّت ركلات التعذيب من عزم عمار وبلال وخباب، وسل سمية تخبرك كيف استحقت أن تكون
أول شهيدة في الإسلام.
17- علمتني الهجرة: أن رجل الدعوة غير رجل الدولة، وفي كل خير، فأبو ذر وهو من المهاجرين الأوائل،
وهو أصدق الناس لهجة لكنه لا يصلح رجل دولة وإن كان رجل دعوة من الطراز الأول، وعليه فكثرة العبادة
لا تكون مؤهلا لمواضع القيادة، والسبق في الدعوة لا يكون مؤهلا لقيادة الأمة.
18- علمتني الهجرة: أن للقلوب أعمالا وللجوارح أعمالا، فللقلب عبادة التوكل والثقة والطمأنينة واليقين والحب والولاء…. وللجوارح دعاء وتضرع وخشوع وتذلل وجهاد وإقدام وعطاء، فلا تحرم نفسك من هذا وذاك…
19- علمتني الهجرة: أن الأخوة لا تعني أكل مال الأخ بسيف الحياء، فالمرء أولى بماله، وعند البخاري قال الصديق: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، قَالَ: “قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ”، فانظر رعاك الله كيف أخذها النبي بالثمن ولم يقبلها تبرعا ولا تطوعا، فقد قدّم الصديق ما يكفي..
20- علمتني الهجرة: أن وطن الداعية حيث يفتح الله له قلوب الناس، فوطن المسلم لا تحده حدود، ولا تحجزه حواجز، فإن ضاقت به خير البقاع وجب عليه البحث عن وطن آخر، والله يقول: “وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ” (النساء: 100).