إمّا أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق
ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة”. فأحسن حسن الاخيار في جليسك واحرص على
ان يكون جليسك صالحه فصالحين لا ينسو إخوانهم سؤاء كان ذلك في غيابهم او بعد مماتهم
وانت لا تكون صاحب سوء لغيرك اذا رأيت أحد أصدقاءك يعصي الله فامرة بالمعروف ونهاه عن المنكر فإذا كان من الذين يستمعون إلى الاغاني وممن يشرب الدخان ويتهاون في تأدية العبادات ويتكاسل عن فعل الخيرات فامرة بالمعروف ونهاه عن المنكر وأجرك على الله لا يضيع – ولو لم يتأثر من كلامك، ولو لم يترك المعصية-؛ فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم، قال الله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة:17-20]. فأحسن اختيار جليسك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما من حديث أبي هريرة : أن النبي ﷺ قال: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل[1]، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. الرجل على دين خليله، هذا ما يتعلق بصحبة الأخيار وبمحبتهم، وذلك أن الإنسان يتأثر بمن يصاحب، وإنما ينجذب الإنسان عادة إلى من يشاكله، ويكون مناسباً له، فيميل إليه طبعه، ويحصل بينهما من المواطأة والتوافق والإلف ما لا يقادر قدره، فإذا صحب الإنسان أو أحب أهل الخير والفضل فإن ذلك يدل على أن نفسه تنجذب للخير؛ لأن هذا إنما ينجذب إليهم لما تحمله نفوسهم وما يظهر من أعمالهم من الصفات الكاملة والمؤمن يحتاج إلى مثل هذه الصحبة الطيبة التي تأثر فيه في الدنيا والآخرة اما في الدنيا فيها تاثر فيه في فعل الخيرات وتادية حقوق الله والبعد عن معصية وغير ذلك وأما في الآخرة فقد جاء في: حديث أبي موسى الأشعري : أن النبي ﷺ قال:المرء مع من أحب[3]، متفق عليه، وفي رواية: قيل للنبي ﷺ: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: المرء مع من أحب.
أيها المسلمون: أكثروا من صحبة الصالحين، فإنهم عونٌ لكم على كل طاعة ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ » [ أبو داود والترمذي بسند حسن]. وعن مالك بن مغول ، قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : « تحببوا إلى الله عز وجل ببغض أهل المعاصي ، وتقربوا إليه بالتباعد منهم ، والتمسوا مرضاته بسخطهم قالوا : يا روح الله من نجالس ؟ قال : جالسوا من يذكركم الله رؤيته ، ومن يزد في عملكم منطقه ، ومن يرغبكم في الآخرة عمله » . ( شعب الإيمان للبيهقي ) .
ويقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة خيراً من أخ صالح ، فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به “. وقال – أيضاً – رضي الله عنه : « لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد مت : لولا أن أضع جبيني لله ساجداً ، أو أجالس أقواماً يلتقطون طيب الكلام كما يلتقط طيب التمر والبسر ، أو أكون في سبيل الله ، لأحببت أن أكون قد مت » . ( المتمنين لابن أبي الدنيا ) . وقال الشافعي: “إذا كان لك صديق يعينك على الطاعة فشد يديك به؛ فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهلة”. وقال لقمان الحكيم لابنه:” يا بني؛ ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخاً صادقاً ؛ فإنما مثله كمثل شجرة، إن جلست في ظلها أظلتك ؛ وإن أخذت منها أطعمتك ؛ وإن لم تنفعك لم تضرك..” .
وقال الحسن البصري: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا ؛ وإخواننا يذكروننا بالآخرة، ومن صفاتهم: الإيثار. ( إحياء علوم الدين ) . وقال أبو حاتم-رضي الله عنه-: “العاقل يلزم صحبة الأخيار ويفارق صحبة الأشرار؛ لأن مودَّةَ الأخيار سريعٌ اتصالها، بطئ انقطاعها، ومودَّةُ الأشرار سريع انقطاعها، بطئ اتصالها، وصحبة الأشرار، تورث سوء الظن بالأخيار، ومن خادَن الأشرار، لم يسلم من الدخول في جملتهم . فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الرِّيَب، لئلا يكون مَريباً، فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير، كذلك صحبة الأشرار تورث الشر ” . ( روضة العقلاء ونزهة الفضلاء – البستي ) .
ولقد ضرب السف أروع الأمثلة في الصحبة الصالحه فقد
ﻣﺮﺽ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ رحمه الله ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﻻﺯﻡ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ، ﻓﺰﺍﺭﻩ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ رحمه الله ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃى ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﺻﺎﺑﻪ ﺍﻟﺤﺰﻥ… ﻓﻤﺮﺽ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻤﺎﺳﻚ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺫﻫﺐ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﺎﻝ : ﻣﺮﺽ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﺰﺭﺗﻪ ﻓﻤﺮﺿﺖ ﻣﻦ ﺍﺳﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ
ﺷُﻔﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻓﺰﺍﺭﻧﻲ ﻓﺸُﻔﻴﺖ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻱ إليه