كتبها اسلام محمد
إننا اليوم على موعد مع حق من الحقوق التي اندثرت وتناست وغفلة كثير من الناس عن تحقيقها إلا
وهي بر الوالدين فإنه من أكبر الحقوق على المسلم وقد قرن الله حقهما بحقه في كتابه الكريم،
قال تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
فلقد حرص الإسلام على بر الوالدين وقرن طاعتهما بطاعة الله ، بل وجعل إحسان المرء لوالديه من
أعلى درجات الإحسان التي بها الأجر والسداد والتوفيق في الدنيا والآخرة، حتى وإن لم يكونا من
المسلمين. قد أكَّد الإسلام على بر الوالدين والإحسان إليهما في مواضعَ كثيرة في القرآن والسنة
المطهرة.
يقول السعدي في قول الله تعالى : { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان
القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي
تأكد الحق ووجوب البر.
فالإحسان إليهم يكون بالكلام الطيبة
وخفض الصوت وخدمتهم ببذل المال وقضاء حوائجهم وجبر خاطرهم ولا يتعرض لسبهما ولا يعقهما ;
فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف ، وبذلك وردت السنة الثابتة ; ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو
أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : إن من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله ،
وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال نعم . يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه .
وفي الحديث الصحيح ما رواة الترمذي عن ابن عمر قال : كانت تحتي امرأة أحبها ، وكان أبي يكرهها
فأمرني أن أطلقها فأبيت ، فذكرت ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا عبد الله بن عمر طلق
امرأتك .ومن الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما . روى الصحيح عن عبد
الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يستأذنه في الجهاد فقال : أحي
والداك ؟ قال نعم . قال : ففيهما فجاهد . لفظ مسلم . في غير الصحيح قال : نعم ; وتركتهما يبكيان .
قال : اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما . وفي خبر آخر أنه قال : نومك مع أبويك على فراشهما يضاحكانك
ويلاعبانك أفضل لك من الجهاد معي . ذكره ابن خويز منداد . ولفظ البخاري في كتاب بر الوالدين :
أخبرنا أبو نعيم أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى
النبي – صلى الله عليه وسلم – يبايعه على الهجرة ، وترك أبويه يبكيان فقال : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما .
{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا } قال السعدي أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف
فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف.{ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب
الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية
{ وَلَا تَنْهَرْهُمَا } أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا، { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ يحبانه وتأدب
وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف الأحوال
والعوائد والأزمان.
ويقول القرطبي في قوله تعالى : إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما خص حالة الكبر
لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر ; فألزم في هذه
الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل ، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه ،
فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه ; فلذلك خص هذه الحالة
بالذكر . وأيضا فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر
ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر . وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة ،
وهو السالم عن كل عيب فقال : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما .
روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : رغم أنفه رغم
أنفه رغم أنفه قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم
لم يدخل الجنة . وقال البخاري في كتاب الوالدين : حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد
الرحمن بن إسحاق عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم –
قال : رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي . رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر أو أحدهما فلم
يدخلاه الجنة . ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له .
وقد بين الإسلام مكانت بر الوالدين في أحاديث كثيرة ففي صحيح البخاري عن عبد الله قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب إلى الله – عز وجل – ؟ قال : الصلاة على وقتها قال : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين قال ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله فأخبر – صلى الله عليه وسلم – أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام . ورتب ذلك ( بثم ) التي تعطي الترتيب والمهلة . وروى الصحيح عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك يقول القرطبي فهذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب ; لذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – الأم ثلاث مرات وذكر الأب في الرابعة فقط . وإذا توصل هذا المعنى شهد له العيان . وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم دون الأب ; فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب . وروي عن مالك أن رجلا قال له : إن أبي في بلد السودان ، وقد كتب إلي أن أقدم عليه ، وأمي تمنعني من ذلك ; فقال : أطع أباك ، ولا تعص أمك . فدل قول مالك هذا أن برهما متساو عنده . وقد سئل الليث عن هذه المسألة فأمره بطاعة الأم ; وزعم أن لها ثلثي البر . وحديث أبي هريرة يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر ; وهو الحجة على من خالف . وقد زعم المحاسبي في ( كتاب الرعاية ) له أنه لا خلاف بين العلماء أن للأم ثلاثة أرباع البر وللأب الربع ; على مقتضى حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – .ولا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين ، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد ; قال الله – تعالى – : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم . وفي صحيح البخاري عن أسماء قالت : قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أبيها ، فاستفتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت : إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : نعم صلي أمك . وروي أيضا عن أسماء قالت : أتتني أمي راغبة في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فسألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أأصلها ؟ قال : نعم . قال ابن عيينة : فأنزل الله – عز وجل – فيها : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الأول معلق والثاني مسند .
تقول الأستاذة عابدة المؤيد وهي تصف أحوال هذا الزمان من أمور التربية وسبب عقوق الأبناء للوالدين تقول
” فبعد الشّدَّة التي رُبينا نحن عليها صرنا نخاف على أبنائنا من تأثيرات القسوة، وبتنا نخشى عليهم حتى من العوارض الطبيعية كالجوع والنعاس؛ فنطعمهم زيادة ونتركهم كسالى نائمين ولا نوقظهم للصلاة، ولا نُحملهم المسؤولية شفقة عليهم ونقوم بكل الأعمال عنهم ونحضر لوازمهم ونهيء سبل الراحة لهم ونقلقل نومنا لنوقظهم ليدرسوا…
فأي تربية هذه؟ وما ذنبنا نحن؟ لنحمل مسؤوليتنا ومسؤليتهم. ألسنا بشراً مثلهم ولنا قدرات وطاقات محدودة؟
إننا نربي أبناءنا على الاتكال علينا، وفوقها على الأنانية
إذ ليس من العدل قيام الأم بواجبات الأبناء جميعاً وهم قعود ينظرون! فلكل نصيب من المسؤولية، والله جعل أبناءنا عزوة لنا وأمرهم بالإحسان إلينا، فعكسنا الآية وصرنا نحن الذين نبرهم ونستعطفهم ليرضوا عنا!
ولأن دلالنا للأبناء زاد عن حده انقلب إلى ضده؛ وباتوا لا يقدرون ولا يمتنون ويطلبون المزيد! فهذه التربية تُفقد الابن الإحساس بالآخرين (ومنهم أمه) ولن يجد بأساً بالراحة على حساب سهرها وشقائها.
وإني أتساءل: ما المشكلة لو تحمل صغيرك المسؤولية، ماذا لو عمل وأنجز، وشعر بالمعاناة وتألم؟ فالدنيا دار كد وكدر ولا مفر من الشقاء فيها ليفوز وينجح، والأم الحكيمة تترك صغيرها ليتحمل بعض مشاقها وتعينه بتوجيهاته وتسنده بعواطفها فيشتد عوده ويصبح قادرا على مواجهتها وحده.”
وانهي هذا إلقاء حول ما يقال عنه عيد الام
هل حقيق ما يقال ان عيد الام هو يوم تكريم الأمهات على مستوى دول العالم حيث يحتفل كثير من الناس حول دول العالم بهذا العيد
فهو يوم يعظمه الناس يتخذونه عطلة من عملهم ويصلون فيه أمهاتهم ويبعثون لهن الهدايا والرسائل الجميلة ، فإذا انتهى اليوم عادت الأمور لما كانت عليه من القطيعة والعقوق .
فلا تحدد يوم واحد من العام للاحتفال بآلام بل اجعل العام كله احتفال بآلام تكريماً لهم وتقديراً لتضحياتهن، وعرفاناً والوفاء بما يقدمونه لأبنائهن وأسرتهن
فهذا العيد ليس له اصلا عن أهل الإسلام وهو يوم مبتدع وأعياد الإسلامي معروفه وهو عيد الفطر وعيد الأضحى فعن أنس بن مالك قال كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال : كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما : يوم الفطر ، ويوم الأضحى
وقد أجمع أهل العلم على عدم جواز الاحتفال بعيد الام وأصدرت اللجنة الدائمة فتوى رقم ( 3 / 86 ) . انه لا يجوز الاحتفال بما يسمى ” عيد الأم ” ولا نحوه من الأعياد المبتدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” ، وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله صلى الله عليه وسلم ولا من عمل أصحابه رضي الله عنهم ولا من عمل سلف الأمة ، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار
كتبها الفقير الى الله
خادم القرآن الكريم والسنة النبوية
الكاتب المقرئ
اسلام محمد