#حكايات_جدتى #الحلقة_الأولى
بقلم سهيرعسكر
اتكأت الجده”آمنه” الست الصعيديه التى أتت من أقاصى الصعيد إلى القاهرة تستند إلى حائط تملؤه النقوش واﻷلوان تنظر حولها بعينين ذابلتين وراحت تجيل بصرها فى كل أرجاء المكان.الغرفه المليئه باﻷثاث الفاخر التى لم تعتاد عليه وﻻتعرف حتى أسماءه انتريه-سجاد-نجف-فازات-مرآه كبيره تتوسط الغرفه
كانت الجده تكره التجاعيد الكثيره التى رسمتها اﻷيام والسنين على وجهها وحفرت كل خط فيها بعمق بالغ .تكره ان تنظر لنفسها فى المرآه فترى تلك المرأه الكاهله التى يتحدثون عنها وراحت تتفرس الوجوه المحيطة بها بعد ان بلغت من العمر جليا ﻻ يسعفها بصرها وﻻ ذاكرتها المتهالكة بأن تستوعب ما يدور حولها
أطرقت فى هدوء وهى تسمع ابنها “على”يقول:
-أمك بقت مشكله كبيرة يا محمد بتسلط مرتى عليا .دى عدت التسعين سنه وخلاص كبرت وخرفت هتخرب بيتى
فقاطعه أخاه بلهجته الصعيدية التى ﻻيتذكرها كثيرا:
-اخرس ..متقولش إكده عليها ان مكنتش عاوزها آخدها انا..أنا ولدها الكبير وأولى بيها
على: آهى عندك يا خويا بس متجيش تشتكى
رمقتهم الجده بنظره ثاقبه تحمل الكثير من المعانى المختلطة غضب..حزن..انكسار..خوف..خوف من المستقبل المجهول الذى ينتظرها قالت والدموع تنزلق من عينيها شديده السخونه تحرق وجنتيها:
-روح يا على يا واد بطنى تشوف الدخان وماتدوق الطعام وولدك الداخل والطالع يدفس فيك ويتف عليك وينشف ريقك ويبعد طريقك
على: واعيلها بتدعى عليا كيف يا ولد أبوي
واستطردت الجده:
-كنت فين يا وعد يا مكتوب كنت في خزانه وبابها مردود
كنت فين يا وعد يامقدر كنت فى خزانه وبابها مصدر
رنا إليها محمد وقال لها متوسلاً: أبوس ايديكى مش عايزك تزمقى
قالت وهى تحس لذعه أليمه تحرق كلماتها البسيطة وقد عادت الدموع لتتجمع فى مقلتيها مرة أخرى :
-روح يا جديد قول للقديم رَوَح .
روح يا جديد قول للقديم رَوَح ..راح الجديد قال للقديم تعالى عندنا وريح وكترت همومى وماعاد فيه حاجه تفرح
محمد: عشان خاطرى كفايه..الله يرضى عليكى
الجده: جملى وقع ومين سندنى..ما مات الجدع وما عاد حد يسندنى
محمد: كلنا حواليكى يا أمايا ما تخافيش ..أنا جنبك
نظرت إليه بحنو وقالت:
-إلهى مالك ما يتعد وﻻ كلامك يترد وعتبتك تبقى دهب وتمسك التراب يبقي فى ايدك دهب
ويديك طولة العمر من دون نداداتك ويجعل الخير بين ايديك وحواليك يا محمد يا ولدي
قَبَل يديها والتف أوﻻده وزوجته حولها . الجميع ينظر إليها وكأنها كائن غريب هبط عليهم من الفضاء البعيد
***يتبع***
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.