جميلتي شبح
إيمان العادلى
…….
منذ أن انتقلنا لهذة الشقة الجديدة و دائما ما تحدث معي اشياءا غريبة ،، كنت اسمع كل ليلة اصوات احتفالات قادمة من الشقة المقابلة لنا في العقار المقابل و الغريب ان النافذه لا يخرج منها اي اضواء تدل على ان هناك اي نوعا من الاحتفالات بالداخل ،، كانت اصوات الاحتفالات تلك تتكرر كل ليلة مما سبب لي الارهاق الشديد فلم اعد قادرا على النوم إلا اذا دخلت غرفة اخي في اقصى الشقة من الداخل فتكون وطأة الصوت أخف قليلا ،، شكوت والداي بأن الوضع اصبح لا يطاق حتى إرتسم تحت عيناي بقعاً سوداء من قلة النوم .
الغريب في الامر انني الوحيد في المنزل الذي اسمع اصوات تلك الاحتفالات ،، إحتار والداي معي ،، أناديهم كل يوم ليسمعوا تلك الاصوات الصاخبة و النتيجة : ” لا نسمع شيئاً ”
_ إشتريت سدادات للأذن و قررت التغاضي عن الموضوع حتى لا يظنوا بي الجنون ،، و الان أحمد الله انني استطعت النوم في غرفتي مجدداً بعد ايام من المعاناة ..
_ في صبيحة اليوم التالي أصابني أرق و لكنه أرق من نوعاً جديد ،، لقد رأيتها .. لقد رأيتها تنظر من تلك النافذة المقابلة لي مباشرةً ،، نفس النافذة التي يصدر منها كل ليلة صوت تلك الاحتفالات ،، لقد كانت فتاةً يكفي ان تكون بقربك لتحتفل بها كل يوم بالفعل .. لقد رأيتها تبتسم لي .. أسنانها كان يصدر منها ضوءا رقيق .. شعرها الذي يشبه الحرير الأصفر .. ها هي تلوح لي ،، كدت أن اغرق فيها إلا انني تداركت نفسي فدخلت غرفتي و أغلقت النافذة مسرعا و سألت نفسي ما سر سحرها هذا ؟!! ،، في اليوم التالي تكرر معي نفس الشئ و الذي يليه و الذي يليه .. في الحقيقة لم أكن افكر بالزواج مطلقا و لكنني الان افكر ،، حقا لقد أوقعت بقلبي !! ،، عزمت أن أتقدم للزواج منها ،، فأردت ان اعرف بعض المعلومات عنها و عن اهلها ،، ذهبت لغفير ذلك العقار المقابل لنا و أعطيته مبلغا من المال و هدية قيمة ..
ثم سألته في لهفة ” أخبرني عن ساكني الطابق الرابع ” ،، ليبتلع ريقه بصعوبة شاقة و يخبرني أنهم قُتِلوا جميعاً منذ عامين و لم يتم العثور على قاتلهم حتى الان و منذ ذلك الحين لم يسكن الطابق الرابع أحد …
_ تراجعت بضع خطوات و نظرت للأعلى لأجدها تلوح لي مجدداً ، فعزمت على الصعود لها …
* لم أكد ابدأ بصعود الدرج حتى استوقفني الغفير ليقول لي ” إلى اين تظن نفسك صاعدا ؟!! ”
_ أنا : و قد رمقته بنظره ساذجة ” ألا تعلم إلى أين ؟!! .. إلى الطابق الرابع بالتأكيد ”
_ الغفير : أظن أنك بالفعل جننت .
_ أنا : صدقني المجنون حقاً هو من يرى ما رأيت بالطابق الرابع ولا يصعده
* حاول الغفير منعي بشتى الطرق إلا انه لم يستطع أن ينال من عزمي على الصعود ،، فصعد معي في النهاية .
* أنا الان أطرق الباب و الغفير بجانبي ،، ليفتح الباب من تلقاء نفسه و يشيب شعر الغفير من الهلع و يتركني و يفر هاربا ..
أخذت قدماي في الارتجاف خوفاً ،، كل ما كان بداخل الشقة عبارة عن حطام ،، حطاماً أسود ،، و كأن حريقاً قد إلتهم كل شئ ..
بمجرد أن بدأت افكر في الجري لأسفل حتى سمعت صوتاً أنثوياً رقيقاً يليق بتلك الفتاة التي رأيتها يقول لي ” يمكنني الان ان اجذبك بقوة و اغلق الباب إذا حاولت أن تجري ،، و لكن صدقني أنا مسالمة و لن أؤذيك ابدا ”
_ أنا : و ماذا تريدين الان ؟!!
_ هي : أدخل و أغلق الباب خلفك بهدوء ^^
_ فعلت ما طلبت مني ،، كدت أن اموت خوفا و لكن اياً ما كان فالامر يستحق ،، وجدتها امامي مباشرةً بنفس ذاك الجمال الذي اراها به كل يوم .. إلا ان هذه المرة سمعت صوتها الذي زاد من جمالها .. بدأت الان في الحديث
_ هي : إسمي نسرين ،، كنت أسكن مع أهلي بهذا البيت إلى ان جاء قاتلنا لينهي كل شئ ،، ثم قام بإخفاء جسدي أسفل ارضية المطبخ و منذ ذلك الحين لم يعرف احدا من هو و لم يعرف احدا اين جثماني
_ أنا : ( ابتلع ريقي بصعوبة ) و كيف يمكنني مساعدتك ؟!!
_ هي : إذا اردت مساعدتي حقا يجب أن يتم القصاص من القاتل ،، و ان يدفن جسدي بالمكان الملائم .. انا الان اتعذب بوجودي في هذا المكان كل يوم ،، ارجوك ساعدني …
_ أنا : من الذي قتلكي ؟!!
_ هي : اسمه … و يسكن بمنطقة … عقار رقم … الدور … شقة رقم … ،، أرجوك إفعل شيئاً و لا تنساني …
ثم أجد نفسي فجأة بخارج الشقة و الباب مغلق ,,
* نزلت الدرج و لا أثر للغفير ،، اعتقد انه قد هرب من المنطقة بكاملها بعد ما رآااه ^^ ،، إتجهت مباشرةً لأقرب مقهى انترنت و دخلت على ارشيف صحيفة الحوادث في مثل هذا اليوم من عامين لأجدها ساطعةً امامي ” مقتل عائلة كاملة في منطقة …. في ظروف غامضة و اثبتت التحريات ان جثة أحدهم مفقودة و لا زال القاتل طليقاً ” نزلت بنظري للاسفل قليلا لأجد التالي ” تم تحرير محضر رقم 271 بالواقعة و لازالت التحقيقات جارية ”
إتجهت مباشرةً لأقرب مركزاً للشرطة و كان حديثنا كالتالي ..
_ أنا : أريد الإدلاء ببعض المعلومات عن القضية المثبتة بمحضر رقم 271 لعام ….
_ ضابط المباحث : ” يحدثني بعدم اهتمام ” كنت انا الموكل بهذه القضية و لم اجد اي دليلا على اي شئ منذ عامين و اغلقتها الاسبوع الماضي .
_ أنا : ستفتحها مجدداً
_ الضابط : و لماذا تبدو واثقاً هكذا .
_ أنا : لأنني اعرف القاتل ،، ثم اكملت حديثي : اسمه كذا و يسكن بمنطقة كذا و الخ الخ ،، أما الجثة المفقودة فهي اسفل ارضية المطبخ ،، و أرجو ان تدفنوها بمكان مناسب ^^
_ الضابط و قد إلتمعت عيناه : من اين علمت بهذه المعلومات ؟!!
* فجأة تظهر تلك الجميلة خلف الضابط و تنهاني بإصبعها ان انطق بأي شئ عما حدث .
_ انا : إسمح لي أن احتفظ بهذا السر
_ الضابط و بنظرة دهشة : كما تريد .
* الان فرقة كاملة من الشرطة تقف تحت بيت ذلك المجرم و يركب معهم سيارة الشرطة بلهفه و كأنه كان ينتظرهم بفارغ الصبر !!!
* القاتل الان يجلس امام ضابط المباحث مباشرةً
_ ضابط المباحث : سيد أ . م أنت متهم ب….. ( ليقاطعة القاتل )
_ القاتل : أجل انا من قتلتهم ،، انا من فعلت هذه الجريمة البشعة ،، انا من خبأت جسمانها تحت ارضية المطبخ عندما رفضت الذهاب معي بعد قتل عائلتها ،، ارجوكم اعدموني فأنا اموت كل يوم الف مرة ،، كل ليلة اجدها تظهر لي و تحمل سكيناً في يدها تشير بها الى رقبتي .. اصبحت اراها في زوجتي و اصدقائي و يشبه لي انهم يريدون قتلي ،، لم أعد احتمل العيش .. ارجوكم كونوا أكثر رأفة بي و اعدموني ,,
* في المحكمة .. كنت حاضرا لجلسة الحكم و حجزت مقعدا بجانبي .. قد يهيأ اليك انه فارغ و ذلك لأنك لا يمكنك رؤيتها و هي تجلس بجانبي في جلسة الحكم على قاتلها ..
_ القاضي : حكمت المحكمة حضورياً على المتهم أ.م بالإعدام شنقاً لقتله عائلة كاملة مع سبق الإصرار و الترصد ،، رفعت الجلسة .
لأجدها تبتسم إبتسامة تليق بملكة ملوك جمال هذا العالم ،، ثم تذوب كما يذوب الملح في الماء .. للأسف دائما ما تنتهي الاشياء الجميلة سريعاً …
_ أنا الان في بيتي مجددا ،، لم تعد تلك الجميلة تظهر لي من النافذة بعدما تم إعدام المجرم و نقلوا جثمانها و رقدت في قبرها بسلام .. لكن للحق : هي لم تفارق أحلامي منذ هذا اليوم ،، و لا اجدها تقول غير هذه الكلمات ” سنلتقي قريباً ” .. ماذا تظنونها تقصد ؟