طارق سالم
مع بداية العام الدراسي الجديد تنهض كل اسرة وتشمر عن ساعديها لتوفير كافة طلبات ابناءهم من ملبس والأدوات
اللازمة للدراسة من أقلام وكراسات وتستعد قبل دخول المدارس باسبوع أو أكثر ويتحول البيت إلى سكنة مدرسية
إلى أن يحين موعد العام الدراسي الجديد ويوم الذهاب إلى المدارس وهنا تكون نوبصة صحيان الأسرة من بعد صلاة
الفجر مباشرة والكل بالبيت سعيد وفرحان خاصة الأبناء بالذهاب إلى المدرسة وهو يحمل أدواته وسندوتشاته
وشرابه وعندما يظهر نور الصباح يتزين الابناء بزينة لباس العلم الجديد ويحمل حقيبته ويهم أن يخرج إلى المدرسة مع
أصحابه أو جيرانه فتنهض الأسرة مسرعة توقف انتظر لما حد يجي معاك علشان يقعدك بالديسك الأول وفي أول
صف بالفصل وينتظر الأبناء وينظر من سيذهب معه إلى المدرسة فمنهم من يذهب معه والدته ومنهم من يذهب معه
والده ومنهم من يذهب معه أخ من أخوته الكبار وفي الطريق المزدحم ليس من الطلبة فقط ولكن من أولياء الأمور
رجال ونساء والكل يهم بالذهاب مبكرا مع إبنه قبل الأخر وقبل فتح أبواب المدرسة أصلا وعند المدرسة تجد الزحام
المنتشر بجانب أسوار المدرسة وعند البوابات الكل ينتظر لحظة وصول العاملين بها وفتح الأبواب وعندما يلمحون من
معه مفاتيح البوابات يهمون إليه ويحيطون به لدرجة أنه ينظر إليهم بتعجب وهو يتمتم منزعجا كل ده هيدخل
المدرسة طيب إزاي ويمكث برهة وراء الأخرى حتى هم بإخراج المفتاح من جيبه فيجد الجميع بجانبه ومن أمامه ومن
خلفه لدرجة أنه لا يرى أصلا مكان الكالون أو القفل حتى يقوم بفتح البوابة فيعلوا صوته ويقول مش شايف أفتح حرام
كده مش معقول يا جماعة دى مدرسة وليست سوق وبعد تعب للوصول إلى الكالون أو القفل وهم بفتحة فيجد الكل
قام بدفعه والإسراع إلى حوش المدرسة وأصبح الكثير من السواد يكسوا الحوش ثم السلالم والكل يهرول إلى
الفصل ليحجز مقعد لابنه وسط التزاحم والدفع والهرولة دون أن يعلم كل منهم هل هذا هو فصل الولد أم لا وتصبح
المدرسة وكأنها تعليم الكبار وليست للأطفال ويقف المدرسين والمدرسات بالفناء ينظرون حائرون يتهامسون فيما
بينهم في جنون ويضرب كل منهم كف على كف والأهالى يحتلون المدرسة والفصول ويسمعون اصوات المقاعد
بالفصول ويسمعون أصوات عالية ومزعجة وصراخ الأبناء من الهرولة والدفع وهم بيد أهليهم .
وبعد طول إنتظار للإستعداد لبدأ اليوم الدراسي يطوف المدرسين والمدرسات وسط الأهالى ويترجونهم ويحدثونهم
لو سمحتوا أخرجوا لو سمحتم كده غلط مش هينفع ده وبعد أن خرج المدرسين والمدرسات عن شعورهم وعلت
اصواتهم للأهالى حتى يخرجوا من المدرسة علشان طابور الصباح وهنا فاقت الأهالى وهموا للخروج من الفناء
ولكنهم لم يتركوا المدرسة ويمكثون بجوار البوابات والأسوار لفترة طويلة ويتم غلق الأبواب وبرغم غلقها إلى أن تجد
بعض من الأهالى يتصلقون السورالعالى ويهموا بالنزول إلى الفناء وللعجب تجد منهم سيدات والكل ينظر ويتعجب
من فعلهن وصعوبة هذا الفعل الذي لا يقدر عليه إلا الرجال وهنا يأتى إليها المسئول ويقول لها يا سيدتى خلاص بقى
عايزين نشتغل ويهم بإخراجها من الباب وهىى تمشى خطوة وتؤخر الأخرى وتنظر خلفها حتى بدأت المدرسة اليوم
الدراسي فينصرفوا إلى منازلهم .
والسؤال هو لماذا كل هذا التناحر بين الأهالى على هذا الديسك بالصف الأول لما يحمل هذا التناحر من الأنانية وحب
الذات من قبل الأهالى ألا يعلمون أنهم يعلمون أبناءهم صفات غير حميدة منذ الصغر صفة الالأنانية وصفة حب النفس
دون غيره من اصحابهم وهذه الصفات قد تترك أثرا سلبيا لديهم مع العلم أن الأهالى لابد أن يغرثوا في تربية أبناءهم حب الأخر ومعنى الصداقة والزمالة .
وهل هذا التناحر يستمر في المنزل بعد عودة الإبن إليهم بالاهتمام في متابعته بالدراسة ومتابعة دروسه ووجباته وتنمية مهاراته .
ولكن من الملاحظ أن الأهالى يتناحرون فقط على الديسك الأول بالصفوف الأولى وبعد ذلك يتركونه وحيدا بالذهاب والإياب من وإلى المدرسة وإلى السنتر والدرس الخاص .
ولماذا لا يتناحرون فيما بينهم عند الذهاب إلى السنتر أو الدرس الخاص أو فصول التقوية ويتركونهم هناك دون النظر
على هذا الديسك بهذه الأماكن لدرجة أصبح الإبن برغم هذا التناحر لا يهتم بالمدرسة أو بالديسك فيها ولكن اهتمامه
الأول هو بالدرس الخاص والسنتر وللأسف جميع الأهالى يساعدونهم على ذلك من قبل الدراسة بأشهر .
لابد من تغير هذه الثقافة الغير مبررة وليعلم الأهالى أن الإهتمام والتناحر ليس فقط بالديسك الأول بالصف الأول
وباليوم الأول من بداية العام الدراسي .
وأن يعملوا على بناء شخصية الإبن وتنتمية مهاراته والاهتمام به حتى يخرج جيل جاد ينفع بلده ووطنه وأهله .