وضعت في جيبي كمية من النقود لم اتبين عددها وباختصار تطورت العلاقة بيننا وصارت قوية جدا لدرجة انها عرضت علي الزواج بل حددت موعدا للقاء مع والدها في مانشستر واحضرت لي حقيبتين مليئتين بأفخر الملابس منها بدلة انيقة تليق بلقاء مليونير وعلمتني اصول البروتوكول في مثل هذه المناسبات
لم تستغرق مقابلتي لأبيها اكثر من نصف ساعة والخلاصة انه موافق من حيث المبدأ على الزواج شريطة ان تقيم معه في فيلته وان اعمل باحدى شركاته براتب شهري الف جنيه استرليني فكان علي ان اقول انني متزوج ولدي ابنة وابن فقال ومن قال لك انك ستتركهم سوف ترسل لهم نقودا وكل ما يحتاجون اليه
ثم سألني والد جوجو عن اتجاه السفينة التي اعمل عليها قلت له الى روسيا ولكنه قال: بل الى كوبنهاجن وكم اندهشت حين اتجهت السفينة فعلا الى كوبنهاجن وهناك وجدت جوجو تنتظرني على رصيف الميناء, واخذتني لنقضي الوقت معا حتى ابحار السفينة, وفي كل رحلة كانت تكرر الحكاية تماما , كل ميناء اصل اليه اجدها في انتظاري ونقضي اليوم معا حتى وصلنا في احدى المرات الى ميناء بلفاست بأيرلندا الشمالية وكانت مشتعلة بالحرب الاهلية ومحظور التجول في شوارعها فلم ابرح السفينة وشوقي الى جوجو يكاد يقتلني فاهتديت الى الاتصال تلفونيا واذا بصوت يأتيني قائلا: انا شقيقة جوجو لقد ذهبت الى امريكا للزواج ( استرجع الحوادث وردود افعالها ايضا ومشاعرها) لقد دارت الدنيا بي فلم ابال بالبرد القارس وقفت على ظهر السفينة كالمجنون لماذا خدعتني. لماذا كان ابوها متجاوبا واعطاني هذا الامل الكبير ولم اشعر بنفسي الا وقد اصابتني الحمى البرد والحزن.
ولم افق من غيبوبتي إلا بحقنة الطبيب وصوت جوجو وصورتها أمامي بشحمها ولحمها, وقالت معتذرة: هذه السيدة ليست شقيقتي بل صديقة وقد أخطأت, ولكنني لم أصدقها إلا حين صممت على مغادرتنا السفينة والذهاب رأسا لعقد قراننا صدقتها وقمت من فراشي سعيداً وقضينا اليوم معاً
ثم اعادتني إلى السفينة وقالت لي: سوف تتجه السفينة إلى بلجيكا وهناك سنلتقي على الرصيف وإذا لم تجدني سنلتقي في اليوم التالي في هذا البار وأعطتني بطاقة بالاسم والعنوان شعرت في ذلك الوقت أنه لابد من الارتباط بجوجو التي أحببتها جداً ولم أستطع الاستغناء عنها وكان قراري الذي عقدت العزم عليه هو الزواج والاقامة معها بمانشيستر كما قال والدها وصلت السفينة إلى بلجيكا؛ ولكنني لم أجد (جوجو) على الرصيف كما عودتني دائماً وتذكرت اننا سنلتقي في اليوم التالي في البار بحثت عن البطاقة المكتوب عليها العنوان .
وفي الصباح الباكر ذهبت إلى هناك ورغم أن الموعد كان عصراً رحت استحلف الساعة أن تمر وتسكعت في الشوارع حتى جاء الموعد طرت إلى البار ابحث عن جوجو كطفل يبحث عن أمه وكانت الصدمة حين لم اجدها ومرت الساعات وأنا أكاد افقد عقلي ولأول مرة اطلب خمراً لأشرب لعلني أنسى هذا الشعور المميت بالاحباط والتعاسة والحزن.
وفي هذه الاثناء إذا بالمقعد يهتز بسبب اصطدام أحد الشباب به والذي راح يعتذر لي مسرفاً في أدبه فاندهشت لأن ما حدث لا يستحق كل هذا ولكنه بادرني بالقول وبطريقة فيها من الود ما زاد من دهشتي: أنا وصديقي راهنا عليك صديقي قال أنك من باكستان قلت له تخسرا انتما الاثنين أنا مصري
فضحك وقال اذن أنت الرابح فهيا لتأخذ ماربحت فسألته على أي شيء كان الرهان, قال: على سهره حمراء وهذا أسلوب الموساد في اصطياد فرائسه بالمال والنساء بمعنى أدق وأنا شاب وقتذاك في٢٣و لا أحد يصدق أن ما قدمه لي الموساد من نساء طوال سنوات عملي وصل إلى 111 فتاة كانت جوجو أقلهن جمالاً
ـ وذهبت معهم بعدما تعارفنا حيث قال لي: أنا جاك وصديقي أبراهام واعطيتهما نفس البطاقة التي أحملها بأسمى ووظيفتي كمدير لشركة أبي سنبل السياحية وتحدثت معهما عن ظروفي وكيف وصل بي الحال لعامل على إحدى السفن اليونانية فبادرني جاك بعرض لم يخطر على بال أحد حيث قال لي أبي يمتلك شركة للحديد والصلب وأنا مديرها العام فما رأيك بوظيفة في هذه الشركة براتب خمسة آلاف جنيه استرليني شهرياً و كان هذا العرض طبعاً كفيلا بأن يجعلني أقع مغشياً علي, وأن ينسيني جوجو وما حدث منها, واتفقنا على اللقاء في اليوم التالي للاتفاق على التفاصيل ووضع الاتفاق في الصيغة النهائية وكيفية التخلص من العمل على السفينة والحصول على جواز سفري للالتحاق بالعمل الجديد وفي اليوم التالي وجدتهما على الرصيف الذي ترسو عليه السفينة فاستضفتهما, وأثناء انشغالي بغسل أكواب القهوة لمحت ابراهام يضع يده في جيب البالطو الخاص بي تجاهلت الموقف وكأنني لم ألحظ يتبع شيئاً ومضيت في استضافتهما, ثم دعيانني على العشاء في أشهر مطعم وهناك أصر على جلوسي في مكان على المائدة في مواجهة فتاة جميلة جداً أخذت هذه الفتاة تغازلني بشكل جريء ولكن حيائي منعني من النظر إليها وهنا تدخل جاك فأشار علي أن ادعوها للانضمام إلينا وفعلا قمت لأدعوها وانضمت إلينا
وفي أثناء انشغالي بها إذا بجاك يبشرني بموافقة الشركة على انضمامي للعمل بها شريطة أن تكون هناك ضمانات خاصة بي مثل مستندات شركة السياحة ولكنني أجبته موضحاً أن الحرب أتت على كل شيء ولولا هذا ما كنت هنا أصلاً وقلت له: كل ما أملك هو جواز سفري وليس معي بل مع القبطان
فقال جاك يمكن أن يضمنني لدى الشركة ولكن بشرط أن أكتب أسماء وعناوين وتلفونات أقاربي, وبعد ذلك أفتعل مشاجرة على ظهر السفينة حتى تتدخل الشرطة ويتم فصلي واستلم جواز السفر ثم يتم تدخل جاك وأبراهام لاستلامي من الشرطة هكذا كانت خطتهم التي رسماها ونحن نتناول العشاء وبعد العشاء أشار على أبراهام اصطحاب الفتاة التي تعرفت عليها وكانت تدعى راشيل وذلك لقضاء الليلة في أحد الفنادق الكبرى وقد تم حجز جناح لي وطلب مني أن أكتب أسماء وعناوين أهم الشخصيات من الأقارب والمعارف وأتركها مع راشيل طبعاً الضوء الأحمر بدأ يضيء داخلي وبدأت الشكوك والاستفسارات العديدة تقفز إلى ذهني ما هي علاقة الضمانات بأسماء وكبار الشخصيات من الأهل؟ وما علاقة جوجو بهذا المكان الذي أعطتني عنوانه والتقيت فيه بأبراهام وجاك؟ ولماذا حاول ابراهام أن يتسلل بيده في جيب البالطو الخاص بي؟ وما قصة هذا العمل والعرض المغري المفاجئ؟ وأخيراً لماذا طلبوا مني أن اترك الأسماء مع راشيل وهي التي من المفروض ان تعرفنا عليها بالصدفة ؟
ثم جلست على منضدة صغيرة وبدأت في كتابة أسماء حقيقية عن عائلتي ومعارفي وتعمدت كتابة أسماء بعض العسكريين من بينهم لواء يشغل مركزاً مرموقاً بإحدى محطات الصواريخ المصرية وتركت الورقة مع راشيل وعدت إلى السفينة وأنا على يقين من أنني وقعت فريسة لإحدى دوائر التجسس أو أجهزة المخابرات وطبعا لم أكن أعرف ولم أسمع عن شيء اسمه (الموساد) ولكن كل هذه الأحداث وأسماء ابراهام وجاك تشير إلى أنهم يهود ثم صعدت إلى ظهر السفينة وافتعلت خلافاً مع أحد أفراد الطاقم وضربته ضرباً مبرحا, ولكن القبطان كان يحبني لم يستدع الشرطة, ولم تفلح الحيلة, فسألت القبطان مباشرة أن يسلمني جواز سفري لأتمكن من مغادرة السفينة ولكن أجابني بأن السفينة ستتجه إلى النرويج وهناك سيكون البديل ويمكن أن تتسلم جواز سفرك هكذا قال لي القبطان, وذهبت محبطاً لاحكي لأبراهام وجاك.
فقال ابراهام ان السفينة ستتجه إلى الدنمارك.. وهنا بدأت شكوكي تتحول إلى يقين عندما رست السفينة في أحد موانئ الدنمارك. وهناك نزلت إلى رصيف الميناء لأجد ابراهام يستقبلني بحرارة, وأخبرته أن القبطان قال لي أن البديل لم يتوفر فأخرج ابراهام من جيبه خطابا عليه طابع مصري بخاتم مصري ومكتوبا عليه اسم الراسل (أم الهوان) وقتها أدركت الخدعة وأخذت الخطاب وذهبت إلى القبطان منهاراً وقلت له أمي بين الحياة والموت ولابد أن أسافر لأراها أمام هذه الحالة الانسانية وافق القبطان على تسليمي جواز سفري والسماح لي بمغادرة السفينة وما أن امسكت بالجواز حتى طرت إلى ابراهام.
.
تابعونا
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.