العاصمة

الحكام العرب والتوظيف السياسى للمقدس للدكتور حسن عبد العال.

0
متابعة. احمد عبد الحميد
يختلف مفهوم القدسية من مجتمع لآخر ومن ديانة لأخرى ومن فكر لآخر ، تبعا لمنظومة القيم والأعراف الاجتماعية ولما يساق من حجج وتبريرات لإضفاء القدسية على الشىء ونفس الحجج والتبريرات التى يسوقها مجتمع ،
قد تعتبر ( سحافات ) بالنسبة لمجتمع اخر ، فينال منها ويوصم أصحابها بالجهل والتخلف ، فمثلا إضفاء القداسة فى مجتمعاتنا والمجتمعات الشرقية عموما على شخص ( الملك والرئيس والسياسي والسلطة ورجل الدين ) 
ينير السخرية فى مجتمعات الغرب ، التى يمكن فيها لأى شخص أن ينتقد أعلى مسؤول فى الدولة أو الحرب أو رجل الدين أو الدين فى ذاته ، دون أن يتعرض للقمع أو المساءلة ،
بل بالعكس فإن القانون يضمن حقوقه فى الانتقاد، بشرط ألا يكون تجريحا أو إساءة أو اتهاما دون دليل مادى ، وإلا فإنه يعرض نفسه للمساءلة القانونية .
وأنا أذكر هنا موقفا ذكره الثقفي العراقى صاحب الربيعي فى مقاله ” اختلاف منظومة الوعى بين الغرب والشرق ” يذكر فيه حرية المرء فى الغرب فى انتقاد أقدس مقدسات الدين ،
وذلك فى حوار أجراه التلفزيون السويدى منذ سنوات بين رئيس جمعية الشاذين جنسيا ، ورجل دين مسيحى حول شخصية المسيح عليه السلام ، حيث أعتقد الأول أن المسيح عليه السلام كان شاذا جنسيا ( حاشاه . . حاشاه ) ،
والثانى أخذ يفند آراء الأول ، وفى نهاية الحوار سأل الشاذ جنسيا رجل الدين قائلا : لو تبت لك أن المسح كان شاذا جنسيا هل سيتزعزع ايمانك به ، فأجابه إن إيمانه بالسيد المسيح لا يتزعزع حتى لو كان شاذا جنسيا ، ولم يثر الحوار أية ردود أفعال ، لا من رجال الدين ولا من أفراد المجتمع .

وهناك عشرات من الأمثلة المشابهة والمقالات والأفلام والبرامج التلفزيونية التى تنال من الديانة المسيحية والسيد المسيح عليه السلام ، يعتبرها المجتمع آراء شخصية ولا يشعر رجال الدين والمسيحيون بالإهانة والإساءة ، بالرغم من امتعاضهم وشجبعم لها .
ماريد أن نشير إليه أن مفهوم المقدس والقادسية يختلف من مجتمع لآخر ، ويؤطر بحرية التعبير .
والغرب ينظر إلى أنظمة الحكم عندنا نحن العرب ، أنها أنظمة ذات طبيعة قبلية ودينية ، لا تحتكم الى القانون ، ولا تؤمن بحرية الرأى ولا بتشريعات حقوق الإنسان ، وانما تجيد لغة العنف والإستبداد لإخضاع شعوبها ، متعهدة بتأمين مصالح الغرب مقابل بقائها فى السلطة لأمد غير محدود . 

تلك السياسة الظالمة خلفت حالة من الكراهية والعداء بين الشعوب العربية والدول الغربية ، لمساندتها لأنظمة غير ديمقراطية ، وأدى ذلك إلى تنامى الحقد والكراهية ضد الغرب حكومات وشعوب ، وأصبحت المنطقة بيئة مواتية لنمو بؤر الإرهاب المتسترة بوشاح ( الإسلام) لتغطية وجهها الكاره للحضارة الإنسانية .

ويرى ( مصطفى حجازى ) — كما يذكر الربيعى — أن الحكم المتسلط يشجع السلفية تشجيعا مستمرا لانتشارها؛ وتعزيز مكانتها ، لأنها تكرس امتيازاته ، وتعطيها صيغة الأمر الطبيعى والقانونى وبالتالى لا يجوز المساس به .
والتاريخ القريب فضلا عن البعيد يثبت أن المارد الارهابى السلفى غالبا ما يخرج على حدود سيطرة الحاكم ، وينقلب السحر على الساحر ويمارس ارهابه حين تتعارض مصالحه وسياسة الحاكم . 

وقد أحسن الحكام توظيف هذا المارد ضد المعارضين فى الداخل ، واستخدامه ضد الخارج ( الغرب ) لإيصال رسالة رعب وابتزاز مفادها ، أن المطالب الغربية للحكومات العربية بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، ستؤدى الى خروج المارد من قمقمه ليمارس الدمار والعنف فى الغرب ، ويضر بمصالحهم الاقتصادية .

اترك رد

آخر الأخبار