العاصمة

التحدث بلغات غريبة  إيمان العادلى

0

سُجلت الكثير من الحالات عن أفراد من المجتمع ( صغاراً وكباراً ) صاروا يتحدثون فجأة بلغة غريبة لم

يعرفوها من قبل وكان ذلك يحدث أحياناً بشكل عفوي خلال خضوعهم لجلسات التنويم (الإيحائي)

المغناطيسي أو في إحدى حالات الوعي البديلة كالغيبوبة أو النوم .

أحياناً يتمثل ذلك نطق بضعة كلمات يتحدّث بها الشخص ثم لا تلبث أن تختفي من ذاكرته تماماً، وفي

حالات أخرى يصبح الشخص قوي اللسان بهذه اللغة ، ومما يدعو للإستغراب هو وجود مزاعم عن عدد من

الأشخاص كانوا قد نطقوا بلغات قديمة انمحت من على وجه الأرض ولا يألفها الا العلماء في مجال الأثار

والحضارات القديمة ، نتكلم هنا عن ظاهرة ماورائية تدعى ” زينوغلوسيا ” Xenoglossy.


أصل التسمية


يرجع أصل مصطلح زينوغلوسيا Xenoglossy إلى اللغة الإغريقية (اليونانة القديمة) وهي كلمة مركبة من

جزئين ، الأول هو زينوس xenos ويعني الأمر الغريب أو الأجنبي والثاني هو غلوسا glossa ويعني اللغة أو

اللسان ، وبالتالي يصبح معنى الكلمة المركبة ” لغة غريبة ” .

الإعتقاد المسيحي


نجد مثالاً عن زينوغلوسيا لدى الحركة الدينية الخمسينية التي تعتقد بأن جميع المسيحيين بحاجة لأن

يعيشوا إختباراً فريداً لكي يكونوا مسيحيين فعلاً، ويسمى هذا الاختبار بـ ” معمودية الروح القدس” . ويجب

أن يكون مطابقاً لما عاشه رسل المسيح الإثنا عشر (الحواريين) بحسب ما ورد في الكتاب المقدس عندما

حلت عليهم الروح القدس في اليوم الخمسين لصعود المسيح للسماء ( يوم العنصرة). وكان حلول الروح

عليهم جلياً من خلال عدة علامات أبرزها: التكلم بألسنة مختلفة والتنبؤ وشفاء المرضى، ويعتبر ذلك هبة

روحية من الله .

دراسات وتقارير


في العالم توجد الآلاف من حالات الزينوغلاسيا المعروفة الموثقة والغير الموثقة ، والمئات منها وثّقت في

دراسات علمية مختلفة . و ذكرت فيها لغات منقرضة منذ آلاف السنين ، و لغات أخرى من جميع أنحاء العالم

! لكن بالرغم من هذه الدراسات المكثّفة ، لم يتم التوصّل إلى تفسير نهائي بالاعتماد على المنطق

العلمي التقليدي. ونذكر منها:

1- التكلم بلغات حية


قام الدكتور ” إيان ستيفنسون ” أحد الأكاديميين الأكثر احتراماً في الولايات المتحدة بتخصيص دراسة

بحثية تتناول هذه الظاهرة ، وتعتبر إحدى أهم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع وألف في عام 1974

كتاباً حمل عنوان ” زينوغلوسيا ” ذكر فيه حالات كثيرة موثقة ، و كان من أغربها هي تلك التي أظهرتها

سيدة أمريكية بعمر 37 سنة فأثناء تنويمها مغناطيسياً قامت بتغيير نبرات صوتها تماماً وتحوّل صوتها على

صوت رجل ، وحدث أن تكلّمت باللغة السويدية بطلاقة وبعد أن استيقظت من جلسة التنويم المغناطيسي

نسيت كل شيء وعجزت عن لفظ أي حرف من اللغة السويدية.

– وبعد ذلك انشغل الدكتور ستيفنسون بهذه الحالة تحديداً لمدة 8 سنوات، وراح يدرس في علم اللغات

 

والتكلّم بنبرات مختلفة ، وقد استعان بالعديد من الخبراء والمتخصصين لمساعدته للتوصل إلى تفسير

علمي يقدّم الجواب المناسب على سؤال محير وصعب : ” كيف يمكن لنبرة أنثى أن تتحوّلا إلى نبرة رجل ؟! “.

ـ في حالة أخرى لا تقل غرابة عن السابقة انشغل الدكتور ستيفنسون حول سيدة هندية تدعى ” أوتار

هودار ” ، كانت بعمر 32 سنة عندما تحولت شخصيتها إلى شخصية ربة منزل متزوجة من البنغال الغربية ،

عاشت هناك في القرن 18، وراحت تتحدّث باللغة البنغالية بدلاً من لغتها الأصلية الحالية (اللغة الماراثية ) ،

وكانت تصيبها هذه الحالة لفترات تتجاوز أسابيع عديدة أحياناً وقد يضطرّون في بعض الأوقات إلى تكليف

أشخاص بنغاليين كي يساعدوا هذه المرأة على التواصل مع عائلتها ، وكان قد ذكرت تلك الحالة في مجلة

” المجتمع الأمريكي للأبحاث الوسيطية ” ، إصدار شهر تموز ، عام 1980 .

ـ أما الباحث ” ليال واتسون “فقد وصف إحدى الحالات الغريبة التي ظهرت عند فتى بعمر 10 سنوات من هنود الإيغاروت الساكنين في وادي كاغايون النائي في الفيليبين ، فهذا الفتى لم يسمع أو يألف أي لغة سوى لغته ، لكنه خلال نوبات معيّنة يدخل في شبه غيبوبة ، و يبدأ بالتكلّم بلغة الزولو وهي لغة جنوب أفريقية بطلاقة !، ومن المستحيل أن يكون قد تعلّم الفتى هذه اللغة في حياته . و قد تعرّف واتسون عليها لأنه قضى فترة من حياته في جنوب أفريقيا !

2- التكلم بلغات قديمة أو منقرضة
يقوم بعض الأشخاص أحياناً ، في حالة النوم المغناطيسي أو غيرها من حالات وعي بديلة ، بالتكلّم بلغات قديمة جداً لم تعد مستخدمة في هذا العصر وأصبحت مقتصرة على خبراء الأثار و علماء الانثروبولوجيا ونذكر من هذه الحالات :

– قام الدكتور ” موريس نثرتون ” بدراسة إحدى الحالات الغريبة التي تمثلت بقدرة فتى أوروبي أشقر وذو عينان زرقاوان على التحدث بلغة صينية قديمة جداً خلال جلسة التنويم المغناطيسي، وقد سجّل الطبيب صوت الفتى في شريط كاسيت و أخذه إلى بروفيسور في قسم الدراسات الاستشراقية في جامعة كاليفورنيا بهدف معرفة نوع هذه اللغة التي تبين فيما بعد أنها لغة صينية مضى على إنقراضها أكثر من ألف عام !

ـ وفي عام 1990 قام الطبيب النفسي الأسترالي ” بيتر رامستر ” بتوثيق العديد من الحالات المدروسة بعناية في كتاب حمل عنوان : ” البحث عن أجيال سابقة ” ، و وردت فيه حالة سيدة أسترالية تدعى ” سينثيا هاندرسون ” التي لم تتعلّم اللغة الفرنسية سوى لمدة شهور قليلة في الصف السابع لكن خلال نومها المغناطيسي ، استطاعت أن تتحدّث باللغة الفرنسية بطلاقة مع أحد الفرنسيين الأصليين ! وقد علّق هذا الفرنسي على طريقة كلامها بأنه صافي و لا يتخلله أي لغة إنكليزية ! و أنها استخدمت ألفاظ و مصطلحات فرنسية كانت سائدة فقط في القرن 18 .

– ذكر الدكتور ” جويل ويتون ” حالة السيد ” هارولد جورسكي ” الذي خلال نومه المغناطيسي كتب 22 كلمة و مقطع تعود إلى زمن الفايكنغ ! و تعرّف الخبراء على عشرة من هذه الكلمات و استنتجوا بأنها لغة قديمة كانت تستخدم في الدول الاسكندنافية . أما الكلمات الباقية ، فكانت من روسيا و صربيا و اللغة السلافية ! و جميع هذه اللغات تحدّثت عن البحر و السفن و الرحلات البحرية !

ـ ذكر في إحدى دراسات ” مجتمع البحوث الوسيطية ” عن حالة حصلت في العام 1931 مع فتاة بريطانية ( من بلاكبول ) تدعى “روزماري ” . راحت تتكلّم باللغة المصرية القديمة ، حيث اتخذت شخصية فتاة مصرية تدعى ” تيليكا فينتيو ” ، عاشت في مصر بتاريخ 1400 قبل الميلاد ، وتمكنت من كتابة 66 فقرة باللغة الهيروغليفية وذلك أمام المتخصّص في الآثار المصرية البروفيسور ” هاورد هيوم ” ، استطاعت هذه الفتاة التكلّم بطلاقة بلغة لم تستخدم منذ آلاف السنين ، ولم تكن مألوفة سوى بين مجموعة قليلة من الأكاديميين المختصين في الحضارات القديمة !

3- تعدد شخصيات وتقمص
– في العام 1977 اكتشف الأطباء في السجن الإصلاحي الواقع في ولاية أوهايو الأمريكية أن “بيلي موليغان “وهو أحد السجناء ، متلبس بشخصيتين مختلفتين عن شخصيته الأساسية ، وكل من الشخصيتين الغريبتين لها لغتها الخاصة بها ، فعندما يتمكن أحد الشخصيتين من زمام الأمور يصبح اسم السجين ” عبد الله ” و يبدأ بالتكلّم باللغة العربية و يكتبها بإتقان وعندما تستلم الشخصية الأخرى زمام الأمور ، يصبح اسم السجين ” روغين ” و يبدأ بالتكلّم باللغة الكرواتية و الصربية !

ـ كانت الفتاة الامريكية ” لورانسي فيوم ” بعمر 14 سنة عندما تحوّلت شخصيتها إلى شخصية ” ماري رولف ” ابنة الجيران التي توفّت عندما كانت بعمر 19 سنة ، وكان عمر ” لورانسي ” حين وفاتها 5 أشهر فقط ، عاشت عائلتي الفتاتين بعيداً عن بعضهما إلا في فترة قصيرة سكنا فيها بحارة واحدة لكن ” لورانسي ” بشخصيتها الجديدة ادعت بان عائلة ” رولف ” هم والديها !” وقد تعرّفت على جميع أصدقاء عائلة رولف و أقاربهم ، و قامت بتسميتهم فرداً فرداً بشكل صحيح دون أي خطأ، و عرفت عنهم تفاصيل دقيقة لا يمكن معرفتها بوسائل طبيعية ، وذكرت أحداث دقيقة حصلت في حياة ” ماري رولف ” ودامت هذه الحالة لمدة 4 شهور تقمصت لورانسي خلالها بشخصية ماري رولف تماماً !

– بعد ذلك ظهرت دراسات كثيرة مثل دراسة البروفيسور ” ب.جانيت ” الذي بحث في قضية فتاة تدعى ” ليوني ” و الدكتور ” مورتون برينس ” الذي بحث في حالة رجل يدعى ” لويس فايف ” و سيدة تدعى ” سالي بيشامب ” التي تبين أن لديها ثلاثة شخصيات أخرى غير شخصيتها !. وحالة الفتاة ” دوريس فتشر ” التي درسها الدكتور المعروف ” والتر برينس ” الذي كتب مجلدين كاملين حول هذه القضية !.
المصدر:
http://en.wikipedia.org/wiki/Xenoglossia
http://www.amazon.com/Unlearned-Language-New-Studies-Xenoglossy/dp/0813909945

اترك رد

آخر الأخبار