إيمان العادلى
غريب حال الأحزاب السياسية عندنا فى مصر وقد بلغ عددها الآن أكثر من 106 حزباً سياسياً عالة على الحياة السياسية.
وقد حظيت الأحزاب السياسية بتاريخ حافل منذ وجود تيارات سياسية أو جمعيات عبّرت الصحافة عن أتجاهاتها
فالدولة المصرية في حاجة إلى أحزاب حقيقية لهاأرضية وبرنامج يعرفه الجميع ويطبق على أرض الواقع ولابد من إعادة تشكيل الخريطة الحزبية بالكامل وأن يكون هناك رؤية قانونية ومواجهات بين هذه الأحزاب و إن القانون هو من يحكم بين الأحزاب التي لها رؤية واضحة وبين الأحزاب العالة الكارتونية على المجتمع
فقد كانت بداية نشأة الأحزاب منذ عام 1879م أى قرابة قرن ونصف القرن من الزمان حيث أرتبطت الأحزاب السياسية بالحركة الوطنية بعد الأحتلال
حيث بدأت ميلاد التجربة الحزبية رسمياً فى 20 سبتمبر 1907م بنشأة تسعة أحزاب فى سنة واحدة (حزب الأمة- حزب الإصلاح- الحزب الوطنى- حزب الأحرار- الحزب الدستورى- حزب النبلاء- الحزب المصرى- الحزب الجمهورى- الحزب الاشتراكى) لهذا يعتبر بعض علماء التاريخ أن عام 1907م هو عام الأحزاب وكانت لها صحافة تعبر عنها
واجهت الحياة الحزبية الحرب العالمية الأولى 1914م التى فرضت حالة أستثنائية على المجتمع بتجميد النشاط الحزبى.. وأستمر الحزب الوطنى القديم وحده فى مزاولة نشاطه رغم مغادرة كوادره خارج البلاد وفى ظل ثورة 1919م والدخول فى مفاوضات أصبح لدينا ثلاثة أحزاب سياسية عام 1922م «حزب الوفد الذى أعلن عن تكوينه عام 1918م وأعد برنامجه فى 26 إبريل 1922م ووكالته عن الأمة والحزب الوطنى والأحرار الدستوريين وبعد هذا التاريخ الطويل نهضت الحياة الحزبية فى مصر فى الفترة من 1922م إلى 1952م فى ظل دستور 23 وظهور كثير من القضايا السياسية وأستمرت الحياة الحزبية حتى واجهتها ثورة يوليو 1952م وأتهمتها بالفساد وإفساد الحياة السياسية والأضرار بقوى البلاد وأصدرت قراراً بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها عام 1953م وظلت الحياة السياسية بغير أحزاب حتى كانت الدعوة لتحالف قوى الشعب فى حزب واحد تعددت أسماؤه بين حزب التحرير والاتحاد القومى والأتحاد الأشتراكى وأخيراً الحزب الوطنى وبقى الحزب وحده فى الحياة السياسية حتى تمرد الحزب على نفسه عام 1976م فنشأت داخله أتجاهات ثلاثة ثم صدر قانون الأحزاب السياسية عام 1977م أقر بالاتجاهات السياسية القائمة أحزاباً سياسية رغم أن دستور 1971م لم يكن يعترف بالتعددية الحزبية ثم قررت لجنة شؤون الأحزاب وهى لجنة حكومية.. الموافقة على تأسيس حزب الوفد الجديد بقرار لجنة شؤون الأحزاب فى 4 /2 /1978م فكان الحزب الرابع وظلت الحياة الحزبية يحكمها قانون الأحزاب ثم أدخلت بعض التعديلات على قانون الأحزاب السياسية بعد تعديل الدستور عام 1980م الذى أقر التعددية الحزبية لأول مرة بعد ثورة 1952م ومع ذلك بقى حزب الحكومة أو حكومة الحزب تتحكم فى نشأة الأحزاب ورفضتها حيث عرضت على اللجنة طلبات تأسيس نحو 60 حزباً وأدخلت تعديلات على قانون الأحزاب وأشترطت لتكوينه 5000 عضو على الأقل كما تمت إعادة تشكيل لجنة الأحزاب وأصبح لدينا حتى عام 2011 حزباً سياسياً ظل الحزب الحاكم متربعاً على عرش الحياة السياسية ومسيطراً على الانتخابات البرلمانية لعام 2010م وحتى أسقط الشعب فى 25 يناير 2011م النظام كله وبعد قيام ثورة يناير وصدور قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل قانون الأحزاب السياسية عام 2011م أصبح تأسيس الحزب بالإخطار وعدم الأعتراض حيث قفز عدد الأحزاب السياسية من 22 حزباً سياسياً إلى 92 حزباً قائماً أى أنه قد تم تأسيس 70 حزباً سياسياً عقب الثورة
ومع ذلك التاريخ الطويل لتطور الحياة الحزبية فى مصر تعانى الحياة الحزبية من وهنها وضعفها على كثرة عددها
و ظلت الأحزاب بعيدة عن الجماهير وغائبة عن قضايا الوطن كالإرهاب والتنمية الأقتصادية الديمقراطية وغابت عن ممارسة الديمقراطية وترشيح ممثلين لمجلس النواب أو من يصلح منافساً للرئاسة ألا على أستحياء حتى إن رئيس الدولة دعا الأحزاب السياسية القائمة إلى الإندماج حتى تكون لها فاعلية وقوة فى الشارع السياسى وقد لاقت الدعوة ترحيباً من بعض الأحزاب السياسية بدعوة الرئيس الأخيرة للأحزاب بالإندماج والعمل من خلال تكتلات قوية وهو أمر غريب هل مطلوب من الأحزاب أن تندمج بأختلاف توجهاتها السياسية وأهدافها أم المعنى أن تنسق مع بعضها العمل السياسى والحزبى!
ويبقى السؤال هو ما آلذى أدى إلي ضعف وفشل الأحزاب السياسية فى مصر بعد هذا التاريخ الطويل على مدى قرن ونصف القرن من الزمان.
وعما إذا كان السبب فى تلك الحالة قانون الأحزاب ذاته؟ أم قانون الانتخاب؟ أم الحالة السياسية الراهنة؟
يتطلب الأمر ضرورة تهيئة المناخ السياسى لتقوية الأحزاب السياسية وفاعليتها فى الحياة السياسية لأن التعددية الحزبية والمعارضة قوام النظام الديمقراطى وهى مدارس سياسية وقد أكد دستور الثورة فى ديباجته أنه يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة حكومتها مدنية تحقق طموحات اليوم والغد للفرد والمجتمع.
لقد حان الوقت لفتح المجال العام للناس أن تنضم لأحزاب حقيقة تشعر بالمواطن ومشاكله وتتفاعل معه لحلها وليست أحزاب عالة على المجتمع أو أحزاب كرتونية
ويتطلب الأمر ضرورة تهيئة المناخ السياسى لتقوية الأحزاب السياسية وفاعليتها فى الحياة السياسية لأن التعددية الحزبية والمعارضة قوام النظام الديمقراطى التى تحقق طموحات اليوم والغد للفرد والمجتمع
أتمنى أن يرفع النظام الأمنى يده عن الأحزاب السياسية ويتركها تعمل بجد دون قمع وتشويه لشبابها قبل أن نتحدث عن دمج أو تعدد وإعطاء الفرصة للمعارضين للتحدث فى الفضائيات بعيدا عن نظام التخوين لكل من هو له رأى معارض لتشويه القيادات الحزبية بأكاذيب وجهل لم نراه من قبل
من أجل بناء وطن قوى وديمقراطى ومن أجل غد أجمل بأذن الله لأبنائنا
وعاشت مصر دومآ وأبدآ حرة أبية