العاصمة

أخطر وأشهر جاسوسة عربية للموساد

0

إيمان العادلى

الحلقة الثالثة

تبدلت أمينة المفتي تماما، فلم تعد هي نفسها الفتاة القادمة من الشرق، والتي وإن كانت تكره التخلف وترنو إلى الحرية والتحرر، إلا أنها كانت وقت وصولها إلى فيينا عاصمة النمسا تتسم ببعض من بقايا خجل الفتاة الشرقية وتفكيرها وروحها وعقلها، أما اليوم فقد أصبحت وكأنها فتاة أخرى لا تهوى إلا كل ما ينتمي إلى الغرب المنحل فكرا وروحا وتصرفات هي أقرب لبنات الهوى.
وهكذا تقلبت أمينة المفتي في عدد من العلاقات الشاذة مع عدد من الفتيات بعد رحيل فتاتها الأولى “جولي باتريك” حتى استقرت على صديقتها وزميلتها الجديدة “سارة بيراد” التي يعمل والدها موظفا في إدارة الوثائق بفيينا، ويعمل أخوها طيارا حربيا بسلاح الجو النمساوي، وأخذت سارة بيراد في تعليم أمينة المفتي اللغة الألمانية بإجادة، وذلك ما أفادها في دراستها كثيرا، والأهم أن سارة أصبحت تشبع رغبات صديقتها المحرمة أكثر وأكثر.
والغريب أن أمينة المفتي علمت بعد فترة من علاقتها بصديقتها وزميلتها سارة بيراد أنها يهودية، والأكثر غرابة أن أمينة المفتي هذه الفتاة العربية الأردنية لم تتأثر بما علمت بل إنها خاطبت صديقتها قائلة: “يا عزيزتي إن ما بيننا من صداقة أقوى من كل شيء، فإن كنت أنت يهودية غير متدينة فأنا أيضا أكاد لا أعرف عن الإسلام شيئا”.
وهكذا غرقت أمينة المفتي أكثر وأكثر في ملذاتها وفي إشباع رغباتها المحرمة، وفي نفس الوقت حصلت على بكالوريوس علم النفس الطبي بتقدير متوسط، ولكن ما أصابها بالاكتئاب هو أن أيامها بأوروبا أصبحت قليلة ويتحتم عليها العودة إلى بلادها بعد حصولها على شهادتها، والسؤال هو كيف تعود إلى بلادها وهي أصبحت غريبة عنها، فلم يعد لها رغبة في العودة إلى الأردن ومجرد ذكرها أمامها أصبح يصيبها بالاكتئاب.
وبالفعل عادت أمينة المفتي إلى الأردن وفرحت أسرتها بمقدمها، وأصبحوا يتباهون بأن ابنتهم أصبحت تحمل شهادة في تخصص جديد ونادر على مستوى العالم، وأخذ والدها يلح عليها في الزواج من ابن عمها الذي يكبرها كثيرا، إلا أنها صدمت لأنها لو وافقت ستضيع كل أحلامها في التحرر وستصبح مكبلة بقيود التخلف والرجعية حسب تفكيرها، لذلك كانت تماطل بحجة أنها تريد استكمال تعليمها العالي والحصول على الدكتوراه.
وحاولت أمينة المفتي ووالدها التواصل مع الجامعة بالأردن لكي تلتحق بها وتستكمل دراستها العليا بها، ولكن فشلت جميع المحاولات لأنها تحمل شهادة في تخصص جديد وغير موجود في أي جامعة عربية، ولكي تستكمل دراستها العليا يجب عليها العودة لأوروبا مرة أخرى، وهو ما جعل أمينة المفتي تتهلل وتنفرج أساريرها
عادت أمينة المفتي إلى فيينا مرة أخرى لاستكمال تعليمها العالي، وذلك لأن تخصصها كان نادرا ولا وجود له في جامعة الأردن ولا في أي من الدول العربية، ولهذا كان سفرها إلى فيينا هو الحل الوحيد أمامها لتكمل دراستها العليا، وبالتالي تنطلق مرة أخرى في عالمها الجديد الذي اعتادته بل وأدمنته ولن تستطيع تركه أبدا.
وهكذا عادت أمينة المفتي إلى صديقتها اليهودية سارة بيراد التي دعتها للإقامة عندهم عدة أيام لتتعرف على أسرتها، وهناك، وفي منزل عائلة صديقتها بدأت أمينة المفتي توثق علاقتها بشقيق صديقتها موشيه بيراد الطيار الحربي بسلاح الجو النمساوي ومع الوقت ازداد إعجابها به، بل نستطيع القول إنه وقعت في غرامه.
وبدأ موشيه وأمينة يخرجان معا في نزهات خلوية في غابات النمسا، وفي إحدى نزهاتهما الخلوية انفرد بها موشيه بيراد في سيارته، وبينما هي بين أحضانه أفقدها عذريتها، وبينما فوجئ هو بل وأصيب بالدهشة، واعتذر لها قائلا إنه لم يكن يعلم أنها عذراء، لأنه حسب وصفه لم يتوقع أن تظل فتاة تعيش في أوروبا عذراء وسنها 25 عاما، وبينما هو على هذه الحال إذ بها هي تضمه إليها وتذوب بين أحضانه وتطلب منه ألا يشغل باله بهذا الأمر الذي لم يعد يشغلها حاليا.
وهكذا تعلقت أمينة المفتي بفتاها موشيه بيراد الذي امتلك عليها حياتها، وذلك بعدما أصبح هو أول رجل يقتحم أسوار أنوثتها، بل وأصبحت أسيرة له وتتمنى لقاءه يوميا، وابتعدت عن شقيقته نهائيا بل احتقرت ما كانت تفعله مع الفتيات من قبل، وأصبحت تقول: “نحن ما خلقنا إلا للرجال”.
ومن بعدها تركت مسكنها وأصبحت تعيش في مسكن مشترك برفقة فتاها موشيه بيراد والذي أصبح كل حياتها، وظلت هكذا حتى حصلت على شهادة الماجستير، وفرحت كثيرا بفتاها وبشهادتها، ولكنها عندما تقدمت برسالتها العلمية التي كتبتها دون اهتمام كامل وعلى عجل لنيل شهادة الدكتوراة، رفضتها لجنة المناقشة لضعف أوراقها ووصفوها بأنها غير جديرة بالمناقشة.
وحينها أصيبت أمينة المفتي بالحيرة والفكر الشديد، وذلك لأن استكمال دراستها العليا هو السبيل الوحيد لاستمرار بقائها مع حبيبها في فيينا، ولو عادت مرة أخرى إلى بلادها فلن تصبر على فراق حبيبها موشيه بيراد الذي امتلك كيانها وأصبح هو كل حياتها، فحسبما كتبت في مذكراتها قالت أمينة المفتي عن حبيبها موشيه بيراد: “لم أهتم بكونه يهوديا وأنا المسلمة، فقد أصبح نهر اللذاذات هو ديني الجديد، وصار موشيه هو وطني وأهلي”.
إذاً كيف تتصرف أمينة المفتي في هذه المشكلة التي لم تجد لها حلا، كان هذا هو شاغلها الوحيد، وعندما رأى موشيه بيراد حيرتها وما هي فيه هون عليها الأمر وقال لها إن الحل هين جدا، ودعاها إلى ترك الأمر له وأن تعتمد عليه وسترى بنفسها كيف سيحل لها هذه المشكلة التي أرقتها.
وبالفعل وبعد أيام قلائل دخل عليها حبيبها موشيه بيراد وهو يحمل بين يديه شهادة دكتوراه موثقة من الجامعة التي رفضت رسالتها من قبل، ومن يراها لدقتها الشديدة لا يستطيع أن يقول إنها غير أصلية، وحينما تساءلت أمينة عن كيفية حصوله عليها قال لها إنه حصل عليها بطريقته الخاصة، ولن يكتشف أحد أبدا مهما كان أنها مزورة.
وهكذا عادت أمينة المفتي إلى بلادها في سبتمبر سنة 1966 وهي تحمل بين يديها شهادة الدكتوراه التي جلبها لها حبيبها موشيه بيراد، وفرح بها أهلها كثيرا وأقاموا لها الكثير من الإحتفالات التي تليق بابنتهم التي حصلت على شهادة الدكتوراه.
ولكن هل يستقيم الحال لأمينة المفتي في الأردن؟ وماذا يحدث لها بعد ذلك؟ وهل تترك حبيبها موشيه بيراد وتتزوج من ابن عمها، هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة فانتظرونا.

المصادر
كتاب خطاب معوض خطاب

اترك رد

آخر الأخبار