العاصمة

أحتراف فن البقاء

0

على إمبابى

قيادة عازفي الموسيقي ومترجمي المعاني والصور المعنوية والحركة في الفراغ هل هى تماثل او تحاكى قيادة الجيوش، عازفي الدماء ومترجمي طموح الامم وحفظ وجودها.

قالها قديما بيتهوفن انه على استعداد ان يقود الجيوش مثلما فعل بونابرت

كلاهما شربا من معين التمرد الذي لا يتوفر الا بعاملين؛ إما الشعور بالكبرياء والبطولة، و إما الشعور بألم او ماساة او هزيمة مؤقتة.

 

كان نابليون وحي القوة لبيتهوفن في شبابه، الي ان انقلب بونابرت دكتاتورا يطيح بمباديء الثورة الفرنسية ذاتها، وقال جملته الشهيره ” لو كنت أقود جيشا كما أقود الأوركسترا، لهزمت نابليون بونابرت”.

 

صناعة القيادة ستكون هّم القرن الواحد والعشرين وتحديه الاكبر، الاشكالية لن تكون في النجاح او التفوق او التميز. ولكن في استحداث اجيال جديدة من الذئاب القادرة على استكمال وتبديل قيادة القطيع في اي وقت ، فالدراسات اثبتت ان كل ذئب في القطيع قائدا بذاته ومؤهلا للقيادة التي تتبدل مع ظروف القائد الاول، لغياب او مرض او قتل او قنص ، فالهدف والرؤية والطريق موحد عند الجميع، وكلهم قادرين على الوصول بالآخرين للهدف.

فاذا كان نابليون مايسترو الحرب وبيتهوفن مايسترو التمرد، الا ان التاريخ لم ينجبهما مرة اخري، إلا بأمثلة لا ترقي لتكرار النموذج الا بمجرد تشوهات نابليونية وعدمية بيتهوفينية .

وهنا تكمن خطورة التسليم بالنموذج او البطل او المُلهم، وتغييب او تسكين او قمع او ترويض او إرضاء الاخرين ليكونوا عازفين الاوركسترا او الكورس فقط،

فكما لا نصر بدون جنود او لحن بلا عازفين، فلا بقاء أو خلود بلا قيادة.

 

محور القائد هو معرفته والمامه بعمل ودور وقدرة كل ألة وكل سلاح ، ومن هنا سنحتاج عهدا جديدا لاستكشاف واستنفار وشحذ وتعليم مفاهيم ومعاني القيادة بداخلنا على كل المستويات وفي كل المجالات، للخروج بجيل يكون مايسترو العقول والظروف.

 

إننا بصدد خلق مفهوم جديد وهو اهمية احتراف فن البقاء بقيادة الظروف والامكانيات والاخرين في سبيل صياغة وتحقيق حلم او مشروع او تنمية او مستقبل. ان التحول الي نموذج الانسان القائد، سيحول الوعي الجمعي تدريجيا لان يضم افرادا قادرين على التغيير المرحلي للتاريخ والجغرافيا بصورة عادلة، منصفة، تعطي كل ذي حق حقه.

 

انتهت امبراطورية الاسكندر الاكبر بوفاته وتفتت ولاياته بين قواده العظام في التنفيذ وليس الرؤية ، اسطورة المغول انتهت بعد جنكزخان لتراجع القيادة ولو صارعت الوجود مع هولاكو والخاقانات العظام.

القرن ال٢١ مستهدف من تغيرات مناخية عالمية قاسمة، اشباح حروب ، اطماع عالمية تنحت منطقا جديدا بلا قوانين نعرفها، الدنيا تتجه الي ترجمة مرئية لسيمفونية القدر بقيادة نيرون، تداعيات العزف ستصيب اغلب العازفين بالصمم، اما المشاهدين فقد تصيبهم لوثة نشوة الدم والاكتساح، لتظهر تراجيديا جديدة لن تعالج بالمسكنات المعروفة، فنكمل باقي سنواتنا بعزف منفرد على اعصاب البشر.

 

اهمية وجود الانسان القائد، يستدعي استنفارا للقيادة بداخلنا، التي لن تكون بالكورسات الدولية او مؤتمرات المنتجعات الساحلية او دروس الانترنت او ترهات مُدربي الموادر البشرية او شهادات الاكاديميات .

التحدي الحقيقي هو الوصول لاهمية تنفيذ صناعة “مايسترو حياة بدرجة قائد حرب” والتي يجب ان تكون صناعة جديدة مُجمعة، تجند لها عقولا ودراسات وابحاثا وتدريبات جادة، من عقول وخبرات امينة، قادرة على استنطاق وبلورة وتنفيذ ونشر منهجيات جديدة قابلة للتطبيق والتشكيل والتعديل، حتي مرحلة الوصول الي النموذج الحقيقي.

 

فاكتشاف واحتراف قيادة موسيقي العقول، ستكون بابا جديدا حتما ندخله لنحترف الجري كالذئاب باقي سنوات القرن .

 

فالمستقبل لن يعترف الا بالقادة

اترك رد

آخر الأخبار