أجلّ وأيسر العبادات
الكاتبة تهاني عناني
•الاستغفار:-
عبادة ميسورة، يُطيقها الصغير والكبير، والذكر والأنثى، ويَصلُح أن يُؤتى بها في الليل والنهار، والسر والإجهار، فلا الجنابة تمنعها، ولا عذر المرأة يحجبها، ومن أراد الإتيان بها، فعليه أن يحرك بها شفتيه ولسانه.
•الاستغفار هو طلب المغفرة، التوبة، ومحو الذنوب.
قال تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء 110).
فضل الاستغفار:ـ
•سبب لجلب النعم ودفع النقم، وتحصيل الرحمة والأرزاق، كما قال الله تعالى عن نوح عليه السلام (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)(نوح 12:10).
•الله يمتع صاحبه المتاع الحسن (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً) (هود 3).
والمراد بالمتاع الحسن سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا.
•سبب لقوة الجسم، وصحة البدن، والسلامة من العاهات والآفات والأمراض (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ) (هود 52).
•سبيل لدفع الكوارث، والسلامة من الحوادث، والأمن من الفتن والمحن، ومانع وحافظ من نزول عذاب الله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الأنفال 33).
•وفي الاستغفار تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، ورفع الدرجات(وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة 58).
وقال صلى الله عليه وسلم (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) (صحيح البخاري).
الاستغفار دعاء وقربة إلى الله تعالى، وكثرة استغفاره صلوات الله عليه، وهو مغفور ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إنما ذلك من أجل العبادة والزيادة في درجاته، والتعليم لأمته ليقتدوا به في كثرة استغفاره.
وقال صلى الله عليه وسلم ـ قال الله تعالى (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة) (رواه الترمذي) .
في الحديث ثلاثة أسباب من أعظم أسباب المغفرة:-
أولها:-الدعاء مع الرجاء، فالدعاء مأمور به موعود عليه بالإجابة، قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
وقال صلوات الله عليه (إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء) .
فذنوب العباد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها،
قال الإمام الشافعي:-
وَلمّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَت مَذَاهِبِي جَعَلْتُ الرَّجَـا مِنِّي لِعَفْوكَ سُلَّمـًا
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمـَّـا قَرَنْتُهُ بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَـفْوُكَ أَعـظَمَ
الثاني:- “الاستغفار” فلو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء، ثم استغفر العبد ربه عز وجل فإن الله يغفرها له.
روي عن لقمان أنه قال لابنه: يا بني عود لسانك “اللهم اغفر لي” فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً .
وقال الحسن:- أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متي تنزل المغفرة .
الثالث:- “التوحيد” وهو السبب الأعظم ومن فقده حُرِمَ المغفرة، ومن أتى به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة .
قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
•وفي الأثر عن عائشة رضي الله عنها قالت (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا) .
وقال علي رضي الله عنه (ما ألهم الله سبحانه عبدًا الاستغفار وهو يريد أن يعذبه.
وقال قتادة رحمه الله (إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم ، فأما داؤكم فالذنوب ، وأما دواؤكم فالاستغفار) .
•وقت الاستغفار:-
الاستغفار دعاء، ولذلك فهو مشروع في كل وقت، ومن أعظم أوقاته على الإطلاق ما كان في الأسحار، قال تعالى (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) (آل عمران17).
وقال أيضا (وبالأسحار هم يستغفرون) (الذاريات 18).
لأنه وقت التنزل الإلهي.
قال صلى الله عليه وسلم (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).
وقال صلى الله عليه وسلم (أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن) (صحيح النسائي).
وقال أهل العلم يجب عند فعل الذنوب، ويستحب بعد الأعمال الصالحة، كالاستغفار ثلاثًا بعد الصلاة، وعند الأذان وبين الأذان والإقامة، وفي السفر وعند إفطار الصائم وغيرها.
فهو سبحانه إن شاء عفا وإن شاء عاقب، نسأل الله المغفرة والعفو والعافية.